آن الأوان لاستقلال لواء بني عبيد.
يقع لواء بني عبيد في الجهة الجنوبية الشرقية من مركز محافظة إربد ، ويبعد عنها مسافة ٨ كم ، ويضم خمس مناطق وهي : الصريح , وإيدون , والحصن , وشطنا , وكتم والنعيمة.
يضم لواء بني عبيد نسبةً عاليةً من السكان ، وفيه حجم هائل من الخدمات، وتسهيلات العيش الرغيد، وحركة تجارية وصناعية وزراعية كبيرة ، مما أدى إلى حالة من الاكتفاء الذاتي. تبلغ مساحة اللواء حوالي ١٨٨ كم٢، وإجمالي عدد السكان حوالي ٢٥٠ ألف نسمة ، وبذلك تكون الكثافة السكانية مايقارب ١٠٨٤ نسمة/كم٢ ، ورغم ذلك يخلو اللواء حالياً من أي بلدية ، ويشكو سكانه من تردّي البنية التحتية إلى درجة العدم ، وذلك لعدم وجود العدالة في توزيع الخدمات طيلة ٢٢ سنة الماضية.
تُحَصّل البلديات موازنتها المالية من المسقفات ، وخدمات البناء والرسوم ، والعوائد الضريبية ، والعوائد التنظيمية كمخالفات المرور ، إضافةً إلى أن الحكومة تدعم البلديات ب ٨ % من عوائد المشتقات النفطية.
بدأت القصة عندما أصدر مجلس الوزراء قرار دمج البلديات المتجاورة والذي نُفِّذَ عام ٢٠٠١م ، والذي أدى إلى تقليص عدد البلديات في المملكة من ٤٠٠ بلدية إلى ٩٩ بلدية ؛ والغريب أن لواء بني عبيد ، وفق التقسيمات الإدارية ، كان اللواء الوحيد الذي لم تنشأ فيه أي بلدية ، ولا أحد يعرف لماذا أُستُثنيَ اللواء من إيجاد بلدية أو أكثر عن دون كافة مناطق المملكة ، بعد أن كان اللواء يحتوى على خمس بلديات ، وجاء قرار الدمج ليصنف المناطق الخمسة باللواء على أنها مناطق تابعة لبلدية إربد الكبرى . وكان هدف الدمج في ذلك الوقت هو إعادة الهيكلة للبلديات ، وإستحداث بلديات كبرى قادرة على تحسين الأداء إدارياً ومالياً وتشريعياً ، والعمل بمؤسسية ، والتخلص من الترهل والمحسوبية ، وحل المشكلات التنظيمية ، واستثمار الأراضي في المناطق المجاورة ، وتوفير موارد بشرية وإدارية وفنية مميزة للبلديات الكبرى لتعود بالخير والمنفعة على جميع المناطق المدموجة.
إن الإيجابيات المترتبة على الدمج ، والتي لمسها المواطن في ذلك الوقت لم تَدُم طويلاً ، حيث أصبح رؤساء البلديات يركزون على مراكز المحافظات ومراكز الألوية ، ويصبون الخدمات فيها ، وأصبح إنشاء المشاريع المهمة على حساب الأطراف الأخرى ، فزادت المحسوبية ، وقل الإنتماء للمناطق ، مما أشعر المواطنين بالغبن، وأصبح المواطنون في الأطراف يضطرون لمراجعة المركز لإتمام معاملاتهم من رخص الأبنية والمهن ، ووثائق براءة الذمة.
نعم ، لقد حقق الدمج نظرياً القليل من الإيجابيات ، ولكن ظهرت الكثير من السلبيات المعاكسة لأهداف الدمج ؛ ومن ذلك أن البلديات الكبرى تحملت تبعات ومديونيات البلديات الأخرى ، وفي نفس الوقت زيادة الأعباء المالية على المواطنين في البلديات الأخرى جَرّاء زيادة نسبة الرسوم والضرائب ومساواتهم بالبلدية الكبرى ، وأصبح الطرفان غير راضيين عن الوضع ، وضعفت القدرة على الإدارة ، وزادت التعيينات ، وزادت النفقات ، وضعفت الميزانية.
الأصل أن يتم الدمج بين تجمعات سكانية قريبة ومتلاصقة ليسهل خدمتها ، ولا تفصلها مسافات كبيرة تؤثر على الخدمات والأراضي الزراعية ، ولكن ما حصل في دمج لواء بني عبيد كان خلافاً لذلك ، فقد أصبحت بلدية إربد الكبرى تحتوي على مساحات كبيرة وتجمعات سكانية متباعدة.
يرفُد لواء بني عبيد موازنة بلدية إربد الكبرى بنسبة كبيرة من إيراداتها ، وذلك لم ينعكس على اللواء من ناحية كمية وجُودة الخدمات المقدمة ، ومن ناحية البنية التحتية ، وشراء آليات جديدة ، ولا من ناحية إعادة تأهيل الشوارع ( نظافة أو طريقة زراعة الأشجار في الجزر الوسطية وريها ، أو توفر إنارة لها). ولم تلتزم بلدية إربد الكبرى بتحويل ال ٥٠% من إيرادات كل منطقة في لواء بني عبيد إليها ، كما نص قانون الإدارة المحلية ، مما أعاق تنفيذ العديد من المشاريع ، وتدهور الخدمات أكثر وأكثر.
يشهد اللواء الآن توسعاً عمرانياً كبيراً ، إضافةً إلى العديد من المشاريع الاستثمارية التي أُنشِئَت على أراضي اللواء ، وتدر أموالاً طائلةً مثل تراخيص الأبنية ورسوم المشاريع ، مثل مجمع سفريات إربد الجديد ، ومعظم المشاريع التي تنوي بلدية إربد إقامتها ، والتي تقع ضمن أراضي بني عبيد.
يعاني اللواء من غياب العدالة في توزيع الخدمات ، ومعاناة ممثليه مع رئيس البلدية في هذا الجانب ، وعدم تطبيق قانون البلديات من جهة أن ٥٠% من إيرادات المناطق تُصرَف خدمياً داخلها ، ولكن في الحقيقة ما يحصل حالياً أن الصرف عائم ومرجعيته مركزية ، كما يتم إخفاء قيم التحصيلات والإيرادات من كل منطقة ، حيث لا يعلم اللواء وإدارته نسبة الإيرادات المتحققة والتي يُفترض أن تكون بيد الرئيس والإدارة المالية المسؤولة.
أكيد لم يَستفِد اللواء من الدمج على مر عقدين من الزمن من الخدمات المقدمة ، ولم يحقق حتى الحد الأدنى منها ، ويظهر بوضوح الفرق بين الوضع قبل وبعد الدمج : حالة الشوارع سيئة ، ووجود حفر ومطبات تضر بالسيارات والمارة ، تكدس النفايات ، وانتشار الحشرات والجرذان والمكاره الصحية.
مركزية بلدية إربد جعلت مناطق لواء بني عبيد بمثابة مجالس وظيفتها تحقيق الإيرادات من خلال المعاملات التنظيمية وغيرها ، لكنها لاتملك صلاحية الإنفاق الخدمي أو إقرار بنود صرفه ، وذلك لأن وزارة البلديات لا تتدخل في تفعيل القانون وحصة ال ٥٠% من نواحي حصرها وإلزام المركز باشراكهم في التصرف فيها.
معاناة اللواء برزت أكثر خلال دورتي المجلس البلدي السابقة والحالية ، والتي هُمّشَت فيها أدوار المجالس المحلية، وتحكم المركز في آليات وأدوات تقديم الخدمة ، الأمر الذي أضعف وضعهم في مواجهة المواطنين الذين يتهمونهم بالعجز.
واقع لواء بني عبيد ما قبل الدمج كان أفضل من كافة النواحي ، خدمياً : كانت الخدمات مرضية للجميع ، ومالياً : لم يكن هنالك أي عجز أو مديونية ببعض البلديات ، مع مواكبة التوسع العمراني والتجاري بشكل أفضل ، وكانت الراحة والأمان والتوفير على المواطنين أكثر وأكبر . وكانت الإستجابة لنداءات السكان أسرع ، وكان رئيس البلدية على تواصل مع الناس عن قرب وبشكل دائم ، وكان هنالك انتماء للبلدية أكثر ، وكان هناك نوع من الشفافية والوضوح ، وكانت التعيينات بعدالة وأمام الجميع ، وكانت الشهادات والخبرات فعلية ويراها الجميع ، وكانت الإدارة والسيطرة جلية ، وقناعة السكان فيها أكثر.
لذلك ، هناك رغبة قوية من سكان اللواء بالفصل عن بلدية إربد الكبرى ، لإنهاء معاناة اثنتي عشرة سنة مضت ، والحفاظ على ما تبقى ، ومحاولة النهوض ، وإزالة العوائق ، وبناء المشاريع والتطوير ، وخصوصاً أن اللواء يدر دخلاً سنوياً كافياً يضمن القدرة والتطبيق الواقعي ، وليس كما كان يُقال ، وعلى الورق فقط.
قرر مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها بداية عام ٢٠٢٢م ، وبرئاسة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة السير بإجراءات استحداث عدد من البلديات في الألوية والأقضية التي لا يوجد فيها مراكز بلديات ، مع الحفاظ على الوضع القائم للبلديات القائمة حالياً ، ودون إلغاء أي منها ، إلى جانب رغبة غالبية قاطني اللواء أو القضاء بالسير بإجراءات استحداث البلدية.
الآن ، وبعد تجربة كافية ومقارنة مستفيضة بما كان قبل وبعد الدمج مع بلدية إربد الكبرى ، قرر رؤساء وأعضاء المجالس المحلية في لواء بني عبيد المطالبة بفصل اللواء عن بلدية إربد الكبرى ، ولاقى ذلك قبولاً واسعاً من سكان اللواء.
لم تشهد منطقة الصريح طيلة السنوات الماضية أي مشاريع للبنية التحتية ، وشوارع المنطقة متهالكة ومليئة بالحفر وبحاجة إلى إعادة تأهيل.
المنطقة القديمة في بلدة إيدون يتضح فيها سوء الخدمات المقدمة ، فالمنطقة تغيب عنها خدمات النظافة والإنارة وشوارعها مهترئة.
سلّمَ وفد من الحصن متصرف لواء بني عبيد عريضةً تحمل مئات التواقيع من المواطنين والتي هي عينة تمثل مختلف عشائر الحصن وسكانها الذين يُجمعون على مطلب الفصل عن بلدية إربد الكبرى وإعادتها بلدية مستقلّة ، كما كانت عليه قبل عام ٢٠٠١م ، وقد تم تقديم عريضة التواقيع مجدداً بناءً على قرار الحكومة الجديدة بضرورة السير وفق هذا الاجراء ، للتحقق من رغبة أغلبية الأهالي وفق ما نصّ عليه القانون.
النعيمة تعاني من عدم وصول المياه للمنازل ، والشوارع وضعها مزري ، وهناك مشاكل كبيرة في موضوع إفراز الأراضي ، وعدم وجود أي مشاريع أو تطوير ، واستياء المواطنين من صعوبة المعاملات في بلدية اربد. الوضع في كتم وشطنا لا يقل سوءاً عن الوضع في النعيمة وممكن أن يكون أسوأ من ذلك.
مواطنو بني عبيد كافة يطالبون بالإنفصال عن بلدية إربد الكبرى ليكونوا ببلدية مستقلة ، لأسباب عديدة منطقية ومقنعة ، وأهمها تدني مستوى الخدمات والفائدة التي تقدمها بلدية إربد الكبرى لهذا اللواء ، والذي هو من أكبر الألوية التي تشملها بلدية إربد الكبرى ، ويناشد سكان اللواء عامةً بتعجيل الفصل على الواقع للحدّ من تردي الخدمات ، وسوء الحال في مناطقهم ، وكذلك بهدف تطوير الأداء والخدمة بما يلبي تطلعات المواطنين واحتياجاتهم وتسهيل المعاملات.
يعتبر قرار ضم لواء بني عبيد لبلدية إربد الكبرى قراراً غير مدروس ، ونتائجه سلبية على اللواء وعلى بلدية إربد ، نتيجة اتساع المساحة التي تشرف عليه البلدية ، مما أظهر عدم قدرتها وضعفها في تأدية الخدمات المطلوبة لمواطني اللواء ، أو عدم القدرة على التفاهم للوصول لحلول منطقية تخدم المصلحة العامة.
إن الانفصال والإستقلال للواء بني عبيد سوف يؤدي إلى تحسن الخدمات وتلبية احتياجاته ، وسيعود بمنافع عديدة ، والقدرة على السير في المشاريع المتعثرة , وكسر الروتين القاتل ، وإزالة الحلقات الإدارية المتشابكة ، وتحسين وتطوير الخدمات والمشروعات ذات النفع للواء ، وتحقيق العدالة على الواقع.
بلدية إربد الكبرى تعارض الفصل ؛ وتستند إلى أرقام غير مؤكدة ، فيما يخص إيرادات مناطق بني عبيد وإجمالي النفقات على اللواء ، والكلفة المالية للأعمال والمشاريع ، كما أنها تعتقد أنه سيترتب على الفصل تراجع مستوى التنظيم والتخطيط الحضري والتنموي في البلدية ، وسيؤثر ذلك سلباً على المشاريع التنموية المقترحة التي ترتكز البلدية عليها كالسوق المركزي ، ومركز الأعمال التجاري (بوليفارد إربد) والقطار الخفيف ، وذلك لوقوع تلك المشاريع في أراضي لواء بني عبيد. ولأنه سيكون هنالك تداخل في الصلاحيات ، وتداخل والتحام في التجمعات الحضرية وإدارتها من قبل جهتين مختلفتين.
أوقفت بلدية إربد تنفيذ مشروع السوق المركزي بحجة المطالبة بفصل لواء بني عبيد. كما توجه بلدية إربد لرفع رسوم النفايات بواقع دينار إضافي لتصبح أربعة دنانير بدلاً من ثلاثة ، بحجة خسارتها من جمع النفايات. بلدية إربد ستقوم بتركيب ١٥ كاميرا بتكلفة ٤٥٠ ألف دينار لمراقبة السرعة ، وضبط المخالفين لقطع الإشارة الضوئية الحمراء في عدد من المواقع ، وهدفها توفير دخل مضمون للبلدية ، حيث ستزيد المخالفات للسير ، والوقوف بأي مكان مزدوج ومائل ، دون النظر إلى الوضع الاقتصادي وقدرة المواطنين . بلدية إربد ستظطر لرفع رسوم تراخيص البناء من ٧٥ قرش إلى دينار ونصف للمتر المربع الواحد. بلدية إربد سوف تسيطر على البسطات المنتشرة في مختلف الأماكن ، لأنها تراها قضية صعبة ومؤرقة ، بحجة وجود أبعاد أمنية مهملة للأبعاد الاجتماعية والإنسانية ، وسوف يتم الإجتماع مع أصحاب البسطات لتداول وتدارس الأمر بما ينفع البلدية ويرضي الأجهزة الأمنية ، ويقبله أصحاب المحال التجارية والبسطات. بلدية إربد تعاني من عجز مالي بسبب الترهل الإداري وزيادة عدد الموظفين لديها بمسمى أو بغير مسمى ، بشهادة أو بدون شهادة. بلدية إربد تعاني من ضعف في تحديد الأماكن والشوارع والبيوت والأسوار والحقوق ، بسبب ضعف نوعية الخدمات وجودتها وذلك حسب تصريح لرئيس البلدية الحالي ، حيث أن أغلب المساحين في البلدية لم ينجحوا في امتحان الكفاءة الذي عُقِد مؤخراً.
أكيد من حق رؤساء المجالس المحلية في لواء بني عبيد وممثلي اللواء في مجلس محافظة إربد والمواطنين أن يطالبوا وبإصرار باستحداث بلدية في اللواء أُسوةً بباقي ألوية المملكة ، ويدعمهم قانون البلديات الذي نص على وجوب أن يكون في مركز كل لواء بلدية. وأن يكون لهم خصوصية وخطط مالية ، وحق بعمل ما يلزم لتنمية وازدهار اللواء ، وهم على قدر المسؤولية وتحمّل النتائج.
في اجتماع لأهالي ووجهاء لواء بني عبيد ، والذي تم بتاريخ ٢٣-١-٢٠٢٣م لاستحداث بلدية للواء ، صرح السيد موسى السعدي ، رئيس بلدية الصريح الذي نجح رئيساً للبلدية لخمس دورات قائلاً: ‘إن عملية الدمج كانت خلال فترة رئاسته لبلدية الصريح ، وكان الدمج عبارة عن اقتحام واحتلال للبلديات وإنهاء لدورها الفاعل ، ومنذ تلك الفترة من (٢٠٠١م) إلى اليوم (٢٠٢٣) ترأس بلدية إربد ٩ رؤساء بلدية ، فقط أول رئيسين عملوا بطريقة جيدة ، وبعدها أصبحنا نستجدي الخدمة استجداء. الأرقام والمشاريع الذي يشير لها رئيس بلدية إربد الحالي أرقام ومشاريع وهمية ، وليست صحيحة ؛ قصة إيرادات بني عبيد ٢٧ مليون والنفقات ٤٢ مليون ليس صحيحاً ، والدليل على ذلك أنه لا أحد يستطيع أن يعرف بدقة كم تدفع منطقة الصريح ، وكذلك باقي مناطق بني عبيد.
المشاريع الذي تكلم عنها رئيس بلدية إربد الكبرى مشاريع وهمية وخيالية وغير صحيحة. وبالنسبة للسوق المركزي ولغاية الآن ، تم دفع خمسة ملايين دينار لأصحابها ، وكلها ديون من بنك التنمية. مشروع مجمع إربد الكبير والأرض التي تم شراؤها بقرض بحدود خمسة ملايين ، لم تدفع البلدية منها شيء حتى الآن (لم يتم البدء في الدفع للبنك). حدائق الملك عبدالله ، ومنذ إنشائها عام ٢٠٠٣م ، لم تُكلّف بلدية إربد حتى اليوم شيئاً ، وإنما كانت هي هبة من الديوان الملكي العامر ، وأُنشئت من أموال الدولة ، ولم تساهم بلدية اربد الكبرى في أي تكاليف خاصة بها. وقال ان لواء بني عبيد في حال الفصل ، جاهز لدفع ديون السوق المركزي ، وديون مشروع مجمع اربد الكبير. وأن مؤسسة إعمار إربد والتي أنشئت منذ ٣ سنوات ، جاءت لتعارض على إنشاء بلدية بني عبيد ، والواقع أنها لم تعمل شيء ، وشغلهم فقط كان اجتماعات ولقاءات غير مجدية ، وليس هنالك أحد من لجنة إعمار بني عبيد يسكن لواء بني عبيد.
إن الإصرار على المطالبة بفصل لواء بني عبيد هو قرار بلدية إربد الكبرى المخالفة للقانون في عدم توزيع الخدمات على جميع المناطق بعدالة ، حيث تم إهمال مناطق وبقيت دون خدمات ، أو عدم تنفيذ بعض المشاريع ، وكذلك فقد امتلأت البلدية بالموظفين بمسميات مختلفة دون الحاجة لذلك ، فأصبحت رواتب الموظفين عبئاً ثقيلاً على موازنة البلدية ، مع عدم وجود القدرة على التنفيذ ، وساعد على ذلك ضعف الرقابة من وزارة البلديات ، وكل ذلك كان خلافاً لما طرحته الفكرة من الدمج بين البلديات.
واضح أن دمج البلديات كان مبنياً على خطأ قانوني ، حيث لم يُطبَّق نص القانون على استفتاء المواطنين عند إستحداث البلدية لأول مرة ، للتأكد من رغبتهم في ذلك ، وتم حرمانهم من الموازنة الخاصة والرئاسة والتمثيل الكامل لمصالحهم. فكان فرض قرار الدمج على أساس الإصلاح ، وتحسين الآداء ، وتقليص النفقات بالاستغناء عن الموظفين الزائدين ، ولم يلاحظ أحد تطبيق ذلك، والطامة الكبرى عندما أعطى قرار الدمج الحق بتعيين نصف أعضاء المجالس على المزاج ، فأصبح القرار بيد الأعضاء المعينين ، إذ يمثلون مع الرئيس الأكثرية في المجلس. وكذلك تم تعيين الرؤساء لتلك اللجان بناءً على أمور شخصية ومحسوبية ، ولذلك هم يفتقرون إلى الإدارة والخبرة للتعامل مع المواطنين ومع الموظفين ، فزاد تردي الحال وزادت الأخطاء ، وانعدم الإلتزام بالدوام ولساعات قليلة ، الأمر الذي جعل الرئيس لا يعيش جو البلدة التي يرأس بلديتها ، ولا يهمه أمرها أو مصالح أهلها وقضاياهم وخدماتهم وشكاويهم ، وأصبح رؤساء بلدية إربد الكبرى يركزون على مراكز المحافظة ، ويصبون الخدمات فيها ، وإنشاء المشاريع المهمة على حساب مناطق لواء بني عبيد ، وظهر الروتين الممل بحيث أُجْبِر المواطنون في الأطراف على مراجعة المركز لإتمام معاملاتهم ، مثال ذلك : أصبحت معاملة أذن الاشغال بحاجة إلى ثلاثة أسابيع من أجل انجازها ، علماً بأنها كانت تُنجَز خلال يومين فقط قبل عملية الدمج.
إن الدمج بين البلديات يجب أن يقوم على أسس صحيحة ، إدارية ومالية وتنظيمية ، ويستند إلى المصلحة العامة والمنافع المتبادلة ونجاح الجميع ، وإعطاء الحق والقدرة على مشاركة القرارات ، ولا داعي لعلاقة تتميز بالمصالح الشخصية ، ومحاولات السيطرة والهيمنة لطرف على الآخر.
فسخ الدمج واستقلال لواء بني عبيد عن بلدية إربد الكبرى له فوائد عديدة :
١. المحافظة على خصوصية اللواء والتزامه ورضى مواطنيه.
٢. عدم التوقيع على عقود تلزم بنفقات مستقبلية تخص بلدية إربد ، ويكون اللواء ملزم بدفعها في حالة العجز المالي لبلدية إربد الكبرى.
٣. تطبيق القانون بما يخص منفعة اللواء بحرية ، وحسب المشروع المراد إقامته.
٤. إمكانية التعامل مع تفاصيل الحساب البنكي وتحديد الموازنة بسهولة ويسر ، من إيرادات ونفقات.
٥. القدرة على صرف المال كما تتطلب منطقة اللواء ويبقى حد المخزون لا يمكن الوصول إليه أو استغلاله.
٦. إذا لم يكن هنالك خبرات وكفاءات وشهادات كافية في اللواء ، يمكن الإستعانة بمؤسسات وطنية ودولية وشراء الخبرات لعمل المشاريع والأعمال ، والترويج لها ، ويمكن التواصل مع الجمعيات الخاصة، والجهات الحكومية المختصة بالتدريب والتطوير.
٧. سيكون هنالك إمكانية أكبر للتعرف على القوانين التي تخص العمل والعمال وحماية البلدية من الإستغلال.
٨. إمكانية وضع تعليمات واتخاذ إجراءات تحمي بلدية اللواء ، والسيطرة على الأوراق والمستندات التي تخص اللواء ، من تراخيص ومشاريع وأموال وتعيينات.
٩. القدرة على التخطيط ، واتخاذ الخطوات العملية لإصلاح ما لحق باللواء من ضرر في البنية التحتية ، واستعادة التوازن الإقتصادي وعدم التورط في ديون ليس لها داعٍ.
١٠. سهولة طلب الاستشارة المالية من المختصين ، أو الجهات الحكومية والتمرس في القوانين المالية والاقتصادية بما يخص مصلحة اللواء والمواطنين ، ويمكن استشارة الخبراء الإقتصاديين في كيفية تعويض أي خسارة مالية محتملة ، وتفادي حدوث ذلك في المستقبل.
أثبتت السنوات الماضية أن قرار دمج البلديات لم يقدم ما كان يُرجى منه ، وواضح أن أهل مكة أعلم بشعابها ، وما حك جلدك مثل ظفرك ، ولتشجيع التنافس وطرق النجاح وتحمل المسؤولية ، يجب أن يكون هنالك آلية واضحة ومدروسة وعادلة لتقديم الخدمات بعدالة ، والنهوض بالبلديات إدارياً ومالياً ، والأيام سوف تكون الفصل والحكم في مستوى التقدم والتطوير ، وهنا يتضح أن الرأي المنطقي الحكيم هو أن يتم الفصل وبأسرع وقت وبدون أي تردد ، وأبسط تفسير لذلك أن لواء بني عبيد يرى أن الدمج كان ظالماً وأثبتت التجربة سلبياته المتعددة خلال ٢٢ سنة مضت . وترى بلدية إربد وتدعي أن الدمج زاد العبء على البلدية من كثرة ما تنفقه على اللواء رغم قلة إيرادات اللواء ، وهذا يعني عدم وضوح في الحقيقة وتشابك زوايا النظر ، وعدم رضى الطرفين بالدمج ، وهنا ينطبق المثل القائل ‘العب وحدك ترجع راضي’ .
نعم وألف نعم للفصل ، ومهما كانت النتائج ما دامت تتوفر في لواء بني عبيد القدرة الإدارية والمالية ، وهنالك من يقود المركب برجولة وثبات.
د. يوسف العجلوني