أفلام قصيرة في "الشارقة السينمائي" تحاكي واقع الأطفال
وكالة الناس – لليوم الثاني على التوالي، يستمر مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل، بعروض سينمائية للعديد من الأفلام التي تتناول في جلّ قضاياها أموراً خاصة بالطفولة والشباب، حاملةً بين ثناياها أهدافاً وأفكاراً تستهوي الحضور من فئة الأطفال والكبار. وبحضور عدد من مخرجي هذه الأفلام، الذين يحرصون على التجاوب مع أسئلة الأطفال والحضور حول ثنايا الأفلام، عُرض فيلم “أطفال الحرب” للعراقي ميدو علي؛ حيث تداخلت مشاهد الفيلم بين الصور الحقيقية والرسومات، والذي يرسم فيه الطفل العراقي واقع الحرب العراقية في العام 2003 من خلال وجهة نظره. وبحسب ما يظهر بالفيلم، فإن الأطفال العراقيين كان يتخيل لهم أن قدوم أميركا لبلادهم، ستكون بداية النهاية لحياة العراق المحاصرة بالألم والفقر، إلا أنه ينصدم بواقع مؤلم، يستطيع المشاهد استشفافه من خلال الرسومات التي يرسمها بقلمه الذي يتلاشى تدريجياً مع الأحداث وتسلسلها. ففي لحظة يعطيهم الورد لكنهم يردون عليه بعنف وبقسوة لتتساقط دموعه في الوقت الذي يضعون فيه والده، كما يظهر في الرسومات، مكبل العينين واليدين ويقتلونه أمام عينيه لتقع الرصاصة الفارغة عند قدميه ويحتفظ بها. ومن خلال أحداث الفيلم وتسلسل الرسومات يصغر القلم ويتقلص في يديه، ليضطر إلى أن يضع ما تبقى من القلم في فوهة الرصاصة الفارغة ليتمكن من مسك القلم، في صورة “مبهرة” تظهر أهمية العلم والفن في رسم الواقع في كل مكان وبالعراق على وجه التحديد.
ومخرج الفيلم هو ميدو علي الذي درس الفنون الجميلة في جامعة بغداد، وأخرج فيلمه “أطفال الحرب” في ورشة عمل من تنظيم مركز الأفلام العراقية.
أما الفيلم الآخر الذي تم عرضه كذلك، وحاز على متابعة واهتمام الحضور فهو الفيلم الكويتي “سالفة صورة”، للمخرج داوود سهيل، والذي يبدو من أسماء أفلامه السابقة أنها تحمل في طياتها المغامرة والغموض، كما في فيلم “سالفة صورة”. وهذا الفيلم يتحدث عن الطفل عبد الله ذي الثلاثة عشر عاماً، والذي يعشق التصوير؛ إذ أهداه والده كاميرا حديثة بعد تفوقه في المدرسة، ومن شدة فرحه بها، يخرج ليصور نفسه بها، ومن خلال الأحداث المتسلسلة يقوم عبد الله بتصوير “لصوص” قاموا بعملية سطو، عن طريق الصدفة. وبروح المغامرة يقوم اللصوص بتعقب عبد الله، من خلال مطاردته واختبائه في بيت مهجور، ليتفاعل الحضور في المسرح من الأطفال بطريقة العرض وكأنهم يجلسون معه، لتظهر نداءات الأطفال لعبد الله بأن يختبئ ويسرع بالهرب. ويهدف المخرج من خلال الفيلم إلى إظهار سوء الترف الذي يلحق بالإنسان جراء ارتكابه أخطاء، مثل السرقة، وضرورة تبليغ الكبار بما يشاهدونه في حياتهم اليومية من أخطاء، وعدم التهرب من الحديث كما حدث مع عبد الله في البداية، وأوقعه في مأزق المطاردة.
“يَاهِل” والتي تعني “الجاهل أو الطفل الصغير بالسن”، هو عنوان الفيلم التالي في العرض، من إخراج يوسف العبد الله، وهي حبكة صغيرة يقوم ببطولة أحداثها الطفل حسين الذي لا يتجاوز عمره الخمس سنوات، والذي يستيقظ مبكراً للتوجه إلى وزارة المالية ليطرح سؤالاً على وزير المالية. هذه الأحداث والحركات الفكاهية من الطفل، جعلت المتابعين يهتمون في طبيعة السؤال الذي يود حسين أن يسأله، ويتوجه وحده للوزارة بمرافقة السائق، وفي صورة لتأثير التكنولوجيا على الأطفال، يقوم حسين بتوجيه السائق للموقع من خلال الايباد الذي يملكه. وفي النهاية يكون سؤال حسين للوزير بسيطا و”ساذجا نوعاً ما”، ويتحدث عن أحجام العملات في الكويت، إلا أنه يثير اهتمام الوزير ويكون في الوقت ذاته مؤثرا في اتخاذ قرار مالي مهم ومؤثر.
وبأحداث بسيطة لمجموعة من أطفال المدرسة، تم عرض فيلم “نقافة” للمخرج الإماراتي عبد الرحمن المدني، ويتناول قضية التنمر أو التعليق على الطلاب في المدارس، وكيف للأطفال أن يواجهوا هذه المشكلة، وضرورة أن يتحلى الطفل بالقوة والشجاعة ليكون قادراً على مواجهة المشاكل، عدا عن ضرورة أن يكون مسالماً في الوقت ذاته، وأنه هو الوحيد القادر على مواجهة تلك المشكلة. كما يظهر اهتمام ومتابعة مدرسته “الأجنبية” به، من خلال كلامها معه ونظراتها التي تطالب منه أن يكون على قدر كاف من قوة الشخصية والمواجهة في الوقت ذاته. والمدني هو مخرج أفلام قصيرة وأفلام وثائقية حصدت الكثير من الجوائز في محافل فنية عدة. أما الفيلم الكردي “الأطفال والدراجة” للمخرج مازن مهدي من كركوك، فيتحدث بإحدى عشرة دقيقة فقط عن مجموعة من الأطفال في قرية كردستانية نائية، يقضون معظم وقتهم في الطرقات وبين الجبال والغابات، لعدم وجود أمور ترفيهية في حياتهم. ولكن ما يغير روتين حياتهم، هو دراجة ساعي البريد الذي يأتي يومياً إلى البلدة لتوصيل الرسائل، فيقوم الأطفال لشدة هوسهم بآلة التنقل تلك بسرقتها ليلعبوا بها، ومن ثم يقوم ساعي البريد بمطاردتهم في الجبال إلى أن يحصل عليها. ولكن مع مرور الوقت يكتشف ساعي البريد أن ما يحتاجه الأطفال هو اللعب معه في كسر روتين حياتهم، ليصبح بعد فترة من الوقت يركض وراءهم ويلاحقهم ليلاعبهم بدون حاجتهم إلى سرقة الدراجة. وقال مهدي إنه اختار هذا المكان النائي لإيصال صوت هؤلاء الأطفال ومجتمعهم إلى العالم الخارجي، واختار ساعي البريد لارتباطه بالكثير من الذكريات في أذهان الكبار حتى فترة زمنية سابقة. وتستمر عروض الأفلام لغاية يوم الجمعة الثالث والعشرين من الشهر الحالي، وبحضور بعض مخرجي الأفلام ووسائل الإعلام والمهتمين في شؤون الفن السينمائي الخاص بالأطفال.