صندوق النقد: اقتصادات الشرق الأوسط تواصل الصمود مع تحسن النمو إلى 3.2% في 2025
وكالة الناس-توقع صندوق النقد الدولي أن تواصل اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إضافة إلى أفغانستان وباكستان ودول القوقاز وآسيا الوسطى، أداءها المتماسك خلال عام 2025، رغم تحديات عالمية متزايدة وتوترات جيوسياسية إقليمية كان أثرها محدودًا وقصير الأجل.
وذكر الصندوق، في تقريره “آفاق الاقتصاد الإقليمي – خريف 2025” الذي ترجمته “المملكة”، أن الناتج المحلي الإجمالي في المنطقة يُتوقع أن يسجل نموًا بنسبة 3.2% في عام 2025، مقارنة بـ 2.1% في عام 2024، بزيادة قدرها 1.1 نقطة مئوية ورفعٍ للتقديرات السابقة بنحو 0.6 نقطة مئوية عن توقعات أيار.
كما توقع أن يرتفع النمو إلى 3.7% في عام 2026 وأن يستقر عند المستوى ذاته تقريبًا بحلول عام 2030، مدعومًا باستمرار الإصلاحات وتحسن النشاط غير النفطي في المنطقة.
وأوضح التقرير أن هذا التحسن يعكس ارتفاع إنتاج النفط في الدول المصدّرة، والإصلاحات الاقتصادية المستمرة في عدة دول مثل الأردن ومصر والمغرب، إلى جانب تحسن الإنتاج الزراعي في المغرب وتونس وباكستان والسودان، رغم خفض التوقعات لبعض الدول منخفضة الدخل مثل موريتانيا والصومال بسبب تراجع إنتاج الذهب وانخفاض المساعدات الخارجية.
وفي المقابل، رفع الصندوق توقعاته للنمو في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى إلى 5.6% لعام 2025 مقارنة بـ 5.5% في 2024، بزيادة قدرها 0.7 نقطة مئوية عن توقعات أيار، مدعومًا بزيادة الإنتاج الهيدروكربوني، والطلب المحلي القوي، والتوسع الائتماني في كازاخستان وأرمينيا وجورجيا وقيرغيزستان.
كما أشار التقرير إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي ستشهد نموًا متسارعًا يبلغ 4.3% في عام 2026، مدفوعًا بالطلب المحلي القوي وزيادة الإنتاج النفطي، قبل أن يستقر عند نحو 3.4% بحلول عام 2030 مع تراجع مستويات الإنتاج.
أما الدول غير الخليجية المصدّرة للنفط، فمن المتوقع أن يبلغ متوسط نموها نحو 2.6% على المدى المتوسط، في حين يُتوقع أن يرتفع نمو باكستان إلى 3.6% في 2026 بدعم من استمرار الإصلاحات وتحسن الثقة الاقتصادية.
وبين التقرير أن الدول المصدّرة للنفط في المنطقة استفادت من زيادة الإنتاج بعد تسارع إنهاء تخفيضات تحالف “أوبك+”، فيما حققت الدول المستوردة للنفط مكاسب من الطلب المحلي القوي، وانخفاض أسعار الطاقة، وارتفاع السياحة والتحويلات المالية. أما في منطقة القوقاز وآسيا الوسطى (CCA)، فاستمر النمو في تجاوز التوقعات مدفوعًا بزيادة الطلب المحلي، والتوسع الائتماني، وصادرات الهيدروكربونات.
وأشار التقرير إلى أن الظروف المالية ظلت داعمة رغم السياسات النقدية المتشددة نسبيًا، حيث تقلصت فروقات عوائد السندات السيادية، وضعفت أسعار الصرف الاسمية، ونجحت عدة دول في الوصول إلى الأسواق المالية الدولية.
كما تراجعت معدلات التضخم في معظم دول الشرق الأوسط بفضل انخفاض أسعار الغذاء والطاقة، بينما ارتفعت في بعض دول القوقاز وآسيا الوسطى نتيجة الطلب القوي والضغوط المستوردة.
وفي ما يتعلق بالتضخم، توقع الصندوق أن يبقى التضخم في دول الخليج معتدلاً عند نحو 2% خلال أفق التوقعات، بينما سيصل في إيران إلى نحو 45% بنهاية 2025.
أما في الدول المستوردة للنفط، فسيبقى التضخم منخفضًا في الأردن وآخذًا في التراجع في مصر، في حين سيظل مرتفعًا نسبيًا في تونس نتيجة التمويل النقدي للعجز، كما أشار إلى أن التضخم في باكستان قد يعاود الارتفاع في 2026 مع انتهاء الدعم المؤقت للكهرباء وعودة أسعار الغذاء والطاقة إلى مستوياتها الطبيعية.
ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، حذر الصندوق من أن المخاطر ما زالت قائمة، مشيرًا إلى أن ضعف الطلب العالمي وتشديد الأوضاع المالية الدولية وارتفاع كلفة الاقتراض قد تؤثر على الاقتصادات ذات المديونية العالية. كما تبقى المنطقة معرضة لتجدد التوترات الجيوسياسية وتزايد الكوارث المناخية التي قد تعطل النشاط الاقتصادي وتؤثر في الاستقرار.
وأكد التقرير أن الإصلاحات الهيكلية وتسريع تنفيذها تمثل فرصة لتحقيق دفعة قوية للنمو في حال تسارع حل النزاعات وتطبيق إصلاحات أعمق في مجالات المالية العامة وتنويع الاقتصاد.
ودعا الصندوق إلى تعزيز الاحتياطيات وتقوية الأطر المالية والنقدية، بما يضمن استدامة النمو واحتواء التضخم، مشيرًا إلى أهمية القطاع الخاص والتنويع الاقتصادي في دعم النمو على المدى المتوسط.