معدلات الدعم الحكومي الأردني لمنتجات الطاقة من الناتج المحلي والإيرادات العامة يفوق الإقليمية والعالمية
أظهر تقرير حديث لصندوق النقد الدولي بعنوان « إصلاح دعم الطاقة: الدروس المستفادة والانعاكاسات» بلوغ نسبة الدعم الحكومي للمنتجات النفطية والكهرباء قبل الضريبة للعام 2011 حوالي 5.96% من الناتج المحلي الإجمالي حسب الأسعار الجارية للأردن، بما يعادل 1.213 مليار دينار ، فيما بلغت نسبة الدعم 25% من إجمالي الإيرادات الحكومية لذات العام والتي بلغ إجمالها 4,768 مليار دينار.
وبين التقرير أن نسبة الدعم للمنتجات النفطية والكهرباء بالإضافة إلى الغاز الطبيعي بعد الضريبة حوالي 9.71% من الناتج المحلي للعام 2011 بما يعادل تقريبا 1,976 مليار دينار، فيما بلغت نسبتها من الإيرادات المحلية 41% لذات العام.
وبالمقارنة مع الوضع الإقليمي، أظهر التقرير ارتفاع نسبة الدعم لمنتجات الطاقة من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة قبل الضرائب في العام 2011 بمقدار قرب 1,21% مقارنة بنسبة الدعم لهذه المنتجات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي بلغت 8.5% من الناتج الإجمالي للمنطقة العام 2011، فيما بين التقرير أن ارتفاع نسبة دعم هذه المنتجات في المملكة من إجمالي الإيرادات المحلية للعام 2011 مقارنة بنسبة الدعم الإقليمية من الإيرادات المحلية الإجمالية قبل الضريبة بمقدار بلغ حوالي 3%، بعدما بلغت نسبة الدعم في الاقليم من إجمالي الإيرادات المحلية بالمنطقة حوالي 22% العام 2011.
وأشار التقرير أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا استحوذت على حوالي 50% من الدعم العالمي للطاقة في العام 2011، فيما استحوذت المنطقة على نسبة دعم بعد الضرائب من الناتج المحلي الإجمالي العام 2011 حوالي من إجمالي الدعم العالمي على 75% سواء لبلدان المنطقة المستوردة للطاقة أو المصدرة لها.
أما بالمقارنة مع وضع المملكة عالميا، فأظهرت بيانات التقرير ارتفاع نسبة دعم الطاقة قبل الضريبة بشكل ملحوظ بعد بلوغ مقدار الدعم العالمي للطاقة 480 مليار دولار بما تصل نسبته من الناتج العالمي 0.7%، وأيضا ارتفاع نسبة الدعم قبل الضريبة حسب الإيرادات الحكومية والتي بلغت عالميا 2%، وهذه النسب أيضا تظهر ارتفاع معدلات الدعم لإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشار التقرير أن الدعم العالمي توزع على دعم النفط بنسبة 44% من إجمالي الدعم و31% على دعم الكهرباء، والمتبقي ذهب في غالبيته الى دعم الغاز الطبيعي فيما بلغ دعم الفحم مقدار ضئيل بلغ 6.5 مليار دولار العام 2011.
أما بالنسبة لدعم الطاقة بعد الضرائب، فبين التقرير أنه تجاوز الدعم قبل الضرائب بكثير حيث بلغ مقداره 1.9 تريليون دولار العام 2011، ووصلت نسبة الدعم منه حسب الناتج العالمي 2.5% في العام 2011، مقابل 8% نسبة الدعم من إجمالي الإيرادات الحكومية العالمية.
ويشار الى أن صندوق النقد الدولي من خلال تقريره دعا إلى إصلاح دعم الطاقة، مبينا أن الدعم بالرغم من غرضه حماية المستهلكين إلا أن يؤدي إلى تفاقم الاختلالات المالية العامة ومزاحمة مجالات الإنفاق العام ذات الاولوية، وتراجع الاستثمار الخاص بما في ذلك قطاع القطاع الطاقة.
وأضاف أن الدعم يؤدي أيضا الى تشويه توزيع الموارد لأنه يشجع على فرط استهلاك الطاقة، ويعطي دفعة مصطنعة للصناعات كثيفة الاستخدام لرأس المال ويضعف الحافز على الاستثمار في الطاقة المتجددة ويعجل بنضوب الموارد الطبيعية ، فضلا عن عودة أغلب منافع الدعم على الأسر الأعلى دخلا مما يزيد من عدم المساواة، فقد شكل الدعم لأغنى 20% من الأسر 6 أضعاف الدعم لل 20% الأفقر حيث حازت على 43% من إجمالي الدعم مقابل 7% للأقل فقرا، كما تأثر قضية الدعم أيضا في الأجيال المستقبلية من خلال الآثار الضارة لزيادة استهلاك الطاقة على الاحترار العالمي.
واوضح الصندوق أن هناك رغبة في اجراء زيادات في الاسعار على نحو تدريجي مع تنفيذ هذه الزيادة بتسلسل مختلف باختلاف منتجات الطاقة. وسيعتمد التدرج والتسلسل الملائمين في زيادة الاسعار على مجموعة من العوامل, منها حجم الزيادة المطلوبة في الاسعار لالغاء الدعم, وموقف المالية العامة, والسياق السياسي والاجتماعي الذي تجرى فيه الاصلاحات, والوقت اللازم لوضع استراتيجية فعالة للاتصال وتصميم شبكات الامان الجتماعي. وفي دراسات الحالة استلزمت اصلاحات الدعم الناجحة والناجحة جزئيا حوالي خمس سنوات في المتوسط.
وأضاف الصندوق أن معدل وتوقيت الزيادة في اسعار الطاقة يلعب دورا مهما، خاصة وأن الزيادة الحادة جدا في اسعار الطاقة يمكن ان ينشأ عنها معارضة شديدة للاصلاحات, ويتيح المنهج التدريجي للاصلاحات للاسر والشركات الوقت لتعديل اوضاعها, ويتيح للبلد المعني الوقت لبناء المصداقية من خلال اظهار ان وفورات الدعم يجري استخدامها استخداما حسنا.
وبين الصندوق ان هذا المنهج يساعد ايضا على الحد من اثر اصلاح الدعم على التضخم ويوفر للحكومات المجال لانشاء شبكات داعمة للامان الاجتماعي وتبين دراسات الحالة ان 17 من 23 تجربة اصلاح ناجحة او ناجحة جزئيا انطوت على تخفيض تدريجي للدعم.
وأضاف الصندوق أن تسلسل الاصلاحات يمكن ايضا تنفيذه من خلال زيادات الاسعار بتسلسل مختلف باختلاف منتجات الطاقة. فيمكن ان تكون زيادة اسعار النفط اكبر في بالبداية بالنسبة للمنتجات التي تستخدم بقدر اكبر من جانب فئات الدخل الاعلى وفي الصناعة, مثل البنزين وكيروسين الطائرات. ومع تعزيز شبكات الامان, يمكن ان تتضمن جولات الاصلاح اللاحقة زيادات اكبر في اسعار منتجات الوقود الاكثر اهمية في موازنات الاسر الفقيرة ويمكن استخدام جزء من وفورات الموازنة في تمويل التحويلات الموجهة للاسر الفقيرة. وبالنسبة للكهرباء, يمكن تركيز زيادة الاسعار في البداية على كبار مستخدمي الوحدات السكنية ومستخدمي الوحدات التجارية، وقد تم تنفيذ زيادات الاسعار بهذا التسلسل في 7 من 28 تجربة اصلاح.
لكن مع ذلك، نوه الصندوق الى ان الاصلاح التدريجي قد يؤدي الى مزيد من التحديات التي تواجه عملية الاصلاح، ولخصها بثلاث أمور هي : اولا, يؤدي تباطؤ وتيرة الاصلاح الى انخفاض وفورات الموازنة في الاجل القصير. وبالتالي هناك مفاضلة بين هدف تحقيق وفورات في الموازنة وهدف الحد من اثر الاصلاحات على الاسر، ثانيا, قد يؤدي تسلسل الاصلاحات الى تشويه شديد في انماط الاستهلاك. فعلى سبيل المثال, هناك حدود لكيفية الحفاظ على انخفاض اسعار الكيروسين دون حدوث اضطرابات خظيرة في اسواق الطاقة عند رفع اسعار المنتجات النفطية الاخرى، ومن هذه المشكلات اعادة توجيه الكيروسين والغاز النفطي المسال من الاسر الى قطاع النقل والتهريب عبر الحدود. ثالثا, ينطوي الاصلاح التدريجي على خطر تنامي المعارضة بمرور الوقت. ولمعالجة هذا الشاغل, يجب ان يصاحب الاصلاحات التدريجية التزام طويل الاجل من جانب الحكومة باستكمال الزيادات المقررة في الاسعار, وقد يتم ذلك عبر عدة حكوكات متعاقبة، ويمكن التغلب على هذا التحدي من خلال بناء تأييد واسع النطاق للاصلاحات.