برنامج القائمة الذهبية للجمارك بين النجاح والفشل !
لماذ لا يكون هناك جرأة وواقعية لدى الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية في حال فشل برنامج او مشروع تم تبنيه بان تقوم تلك الجهات المسؤولة بالغائه اذا كانت الظروف المحيطة لا تساعد او في حال غياب المناخ المناسب لنجاحه او ان يتم تعليقه الى حين نضوج وتبلور الفكرة وتوفر العوامل والظروف والوعي لدى الجهات ذات العلاقة والمستفيدة سواء كانت شركات اومؤساسات او افراد وبما يضمن نجاح تلك الفكرة او ذلك المشروع ؟
بعد مرور نحو 9 سنوات على اطلاق برنامج القائمة الذهبية من قبل دائرة الجمارك .. تساؤلات كثيرة تطرح حول مدى نجاح القائمة الذهبية في اقناع الشركات العاملة عل ارض المملكة والتي يصل عددها الى نحو 19 الف شركة مسجلة في غرفة تجارة عمان بالمزايا المقدمة من قبل دائرة الجمارك من خلال البرنامج ، واذا ما كانت القائمة ذات جدوى لتلك الشركات ؟ والا فلماذا نجد الاقبال على الالتحاق بالقائمة متواضع جدا الى درجة « العدمية « خاصة اذا علمنا ان عدد الشركات المدرجة بعد تسع سنوات هي فقط 46 شركة من اصل الاف الشركات العاملة في مجال الاستيراد والتصدير والتخليص؟!
لماذا لا يكون هناك تقييم للتجربة بعد مرور قرابة عقد من الزمان ، واذا كانت تلك القائمة تقدم امتيازات على الصعيد المحلي والخارجي للشركات المنتسبة فلماذا هذا العزوف عن الانضمام رغم الاسهاب في الحديث من قبل الجمارك عن المزايا المقدمة للشركات المنظمة والتي ستحظى بها شركات القائمة الذهبية من قبل الدول الأجنبية المهتمة بهذا البرنامج والتي ترتبط بالمملكة باتفاقيات ثنائيه أو جماعية وبعد أن يتم الاعتراف المتبادل مع الإدارات الجمركية لهذه الدول حيث سيتم منح معاملة تفضيليه للبضائع الأردنية المنشأ المصدرة من قبل هذه الشركات من خلال تسهيل الإجراءات عبر الحدود لهذه المنتجات مما سيكون له الأثر الإيجابي الكبير على تعزيز الوضع التنافسي للمنتجات الأردنية المصدرة إلى الأسواق العالمية وتخفيف الأعباء المالية الناتجة عن تسهيل إجراءات انسياب البضائع .
والسؤال المطروح الان لماذا الاستمرار بهذا البرنامج ما دام الاقبال لا يزال ضعيفا جدا بل يصل الى درجة الانعدامية اذا ما تم مقارنة الشركات المنظمة والبالغ عددها نحو 46 شركة بعد مرور 9 سنوات من التطبيق وكانت الجمارك قد احتفلت بالاعلان الرسمي للتطبيق الرسمي للبرنامج في نهاية اب من العام 2005 وفتحت مجال الالتحاق وتقديم الطلبات لكافة شركات التزويد الأردنية العاملة بالتجارة الدولية التي تمتاز بنشاط اقتصادي كبير على المستوى الوطني والدولي وتتمتع بسيرة وسمعة حسنة في مجال الالتزام بالمتطلبات الجمركية والأنظمة والتشريعات المعمول بها في الاستيراد والتصدير والتشريعات الأخرى المتعلقة بذلك.
ولا بد من الاشارة في هذا الصدد الى ان هناك مخاطرة اجتماعية وامنية كبيرة من خلال منح تسهيلات للشركات المدرجة ضمن القائمة الذهبية من خلال منحها المسرب الاخضر الامر الذي يعني ان مستوردات تلك الشركات تمر من خلال المسرب الاخضر دون ان يكون هناك تدقيق وكشف على تلك المستوردات معتمدين بذلك على سمعة تلك الشركات وتاريخها ومدى تقيدها بالقوانين والانظمة الامر الذي يحمل في طياته مخاطرة كبيرة .
وتكمن المخاطرة من خلال العمل بثلاثة مسارب وهي اصفر واخضر واحمر في حين ان المسربين الاخضر والاصفر لا يحتاجان الى معاينة وكشف على البضاعة فالاخضر يتم العمل به الكترونيا وخلال دقيقتين او ثلاثة بامكان صاحب البضاعة ان ياخذ التصريح وينهي المعاملة والمسرب الاصفر يحتاج الى تدقيق على المعاملات الورقية فقط بينما الاحمر يحتاج الى الكشف على البضاعة على ارض الواقع.
وتقول الجمارك بان الغاية من ايجاد برنامج القائمة الذهبية يهدف الى ترسيخ مبدأ الشراكة الحقيقية بين الجمارك الأردنية والقطاع الخاص على أساس من المسؤولية المشتركة والتعاون بروح الفريق الواحد للمساهمة في تحقيق الأهداف المشتركة الرامية إلى تشجيع الاستثمار وتعزيز النمو الاقتصادي الوطني من خلال تسهيل إجراءات انسياب البضائع المستوردة والمصدرة عبر الحدود في المراكز الجمركية المختلفة والحصول على معاملات تفضيلية للصادرات الأردنية في الخارج.
كما تتمثل المزايا المقدمة للبرنامج في الاستفادة من خدمة التخليص المسبق ولكافة المواد، الإفراج السريع عن البضائع لقاء الضمانات المالية المناسبة وقبل استكمال إنجاز أو تنظيم البيانات الجمركية، تسهيلات جمركية أخرى يمكن تقديمها من قبل أي مديرية من مديريات أو مراكز الدائرة، السماح لشركات التخليص بفتح فروع جديدة. مضاعفة الكفالات العامة للشركات التجارية اضافة الى مضاعفة الكفالات المدمجة الخاصة بشركات التخليص.
وفي النهاية فالحكومة معنية باعادة التفكير بجدوى برنامج القائمة الذهبية لدرء المخاطر الامنية والاجتماعية التي قد تنتج عن منح الشركات المنظمة للبرنامج امتياز المسرب الاخضر والاصفر واللذان لا يحتاجان الى معاينة وكشف على البضاعة المستوردة الامر الذي يحمل طياته الكثير من المخاطر اذا ما ذكّرنا بان عدد الشركات المنظمة للقائمة بعد مرور 9 سنوات من اطلاق البرنامج وصل لنحو 46 شركة مدرجة ضمن القائمة الذهبية للجمارك.