0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

تفاصيل القضية التي هزت الرأي العام الاردني

وكالة الناس – يمثل والد الطفلة ” المتوفية قبل 7 أشهر، وزوجته، أمام محكمة الجنايات الكبرى قريبا، لمحاكمتهما بتهمة “القتل القصد”، بدل “الضرب المفضي إلى الموت”، التي كان قررها مدعي محكمة الجنايات سابقا، ثم تم استبدالها لاحقا بقرار من مساعد النائب العام.

وكان مدعي عام الجنايات أنهى التحقيق قبل نحو شهر، موجها تهمة “الضرب المفضي إلى الموت” للأب وزوجته، لكن النيابة العامة فسخت القرار وحولت التهمة إلى “القتل القصد”، معتبرة أن “الأفعال التي اقترفها المشتكى عليهما من ضرب وتعذيب وحرمان من الغذاء والرعاية الصحية، تمثل جناية القتل القصد وليس الضرب المفضي إلى الموت”.

وتكشف وقائع القضية حجم الإهمال والعنف والتعذيب، الذي تعرضت له الطفلة “عامان ونصف” قبل وفاتها، نتيجة نزيف دموي حاد أو ما يعرف “بمتلازمة الطفل المرتج”.

وبحسب وقائع القضية، فإن الطفلة “نورا ” كانت تعيش مع والدها وزوجته، إذ دأب المشتكى عليهما على إهمال المجني عليها وعدم العناية بها ورعايتها الرعاية التي تقتضيها طفولتها وعمرها، إلى جانب عدم توفير الغذاء المناسب وإحاطتها بكافة أشكال الحب والحنان والعطف”.

وتبين لائحة الاتهام أن الأب وزوجته “عمدا إلى عدم إطعام الطفلة وتغذيتها الغذاء الملائم والكافي، وضربها بشكل نمطي ووحشي ومتكرر، إلى أن جاء مساء 24 تموز (يوليو) الماضي، عندما عاد الأب إلى المنزل ووجد المجني عليها تبكي، فقام بضربها بواسطة سلك كهربائي وحذاء على مختلف أنحاء جسدها، وبعد ذلك أمسك بعصا خشبية غليظة وضربها على رأسها وغادر المنزل وعاد فجرا”.

وتبين أنه “بعد أن سمع الأب ابنته المغدورة تبكي مجددا من شدة الألم الناجم عن الضرب الذي تلقته قبل ساعات، انهال عليها مجددا بالضرب بواسطة يده على وجهها وهزها بعنف وباتجاهات مختلفة من أجل إجبارها على السكوت، ثم لفها بحرام شتوي وربطها بحبل من مختلف أنحاء جسدها وعاود هزها بشدة حتى غابت عن الوعي، وبدلا من أن يسعفها إلى المستشفى ذهب لينام لصباح اليوم التالي، وعندما حاول صبيحة اليوم التالي إيقاظ الطفلة لم تستجب للمحاولات لينقلها إلى المستشفى ويتبين أنها توفيت”.

وبحسب تقرير الطب الشرعي، علل الأطباء وفاة الطفلة بسبب “نزيف دموي حاد نتيجة الارتطام الشديد والمتكرر بجسم صلب راض (ما يعرف بمتلازمة الطفل المرتج)”، بالإضافة إلى “الكدمات العديدة والواسطة والنزوف والتي غطت 90 % من جسدها، وكذلك الصدمة العصبية الناتجة عن الآلام المنبعثة من ضربها العنيف والقاسي على مختلف أجزاء جسدها”.

كما بين التقرير، الذي حصلت “الغد” على نسخة منه، أن “الطفلة كانت تعاني من كسر قديم في الذراع قدر حدوثه قبل ثلاثة أسابيع من الوفاة، إلى جانب معاناة الطفلة من جفاف وسوء تغذية، كما أن وزنها كان أقل بدرجة كبيرة من الوزن الطبيعي لطفلة في هذه السن، إذ كان وزنها 7 كيلوغرامات فقط”.

واعتبر التقرير أن “الإهمال الواقع على الفتاة كسوء التغذية والجفاف هو إهمال مقصود وذلك يظهر من مجمل الصفة التشريحية للجثة”.

وبناء على ذلك اعتبر مساعد النائب العام أن “الأفعال التي اقترفها المشكتى عليهما حينما تناوبا على ضرب المجني عليها وتعريض جسدها المنهك والغض والضعيف، والذي لم يكتمل نموه بعد، بالنظر لصغر سنها وتدني مستوى رعايتها وحرمانها من الغذاء المناسب، لشتى أشكال الضرب القاسي والعنيف بأدوات صلبة راضة، والاستمرار في هذه الاعتداءات العنيفة بالقياس لصغر سنها وغضاضة جسدها لأوقات طويلة، وكذلك إهمالها بعد ذلك وعدم نقلها إلى المستشفى رغم حالتها الصحية الحرجة، الأمر الذي سمح لوضعها الصحي بالتداعي والانهيار حتى لفظت أنفاسها الأخيرة في منزل والدها، وعلي فإن هذه الأفعال تمثل جناية القتل القصد، وليس الضرب المفضي إلى الموت”.

وبحسب قرار الفسخ، فإنه “ما لا يعتبر أدوات قاتلة بالنسبة لشخص بالغ وناضج ومكتمل النمو، يعتبر أدوات قاتلة بالنسبة لطفلة تبلغ من العمر سنتين ونصف، مضافا إليه عدم اكتمال نمو جسدها وضعفه وهشاشته، فضلا عن انخفاض مستوى مقاومته للضرب القاسي الناجم عن صغر سنها من ناحية، وانخفاض مناعتها بسبب ما عانته من ظروف الإهمال والحرمان وسوء التغذية”.

واعتبر أن “امتناع المشتكى عليهما عن نقل المجني عليها إلى المستشفى رغم تداعي أحوالها الصحية أمامهما وعلى مرمى أنظارهما، إنما تمثل بحد ذاتها جناية قتل بالترك والامتناع والفعل السلبي، إذ كان من الممكن لو جرى استدراك وضعها الصحي الحرج منذ البدايات أن يتم إنقاذ حياتها، بحسب تأكيدات الأطباء الشرعيين المنتخبين كخبراء من قبل النيابة العامة”.

وبحسب شهادة الأطباء الشرعيين فإن “المؤكد أن التدخل الطبي المبكر قد يؤدي إلى نتائج أفضل مما حدث لدى الطفلة، وإن التأخير في طلب المساعدة الطبية من علامات الإهمال وشكل من أشكال تعذيب الأطفال”.

وعلى ذلك، اعتبرت النيابة العامة أن “امتناع المشتكى عليهما من نقل المجني عليها إلى المستشفى أو أي طبيب من الأطباء رغم أنها كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة أمامهما شيئا فشيئا، أفصح عن نية باطنية ودفينة تقبع في سريرة كل واحد منهما تتوخى موتها والخلاص منها، مما يعد جريمة قتل مقصود وليس جناية ضرب مفضي إلى الموت، الأمر الذي يستدعي فسخ قرار الظن من حيث الوصف الجرمي”.كما تضمن قرار الفسخ، توجيه تهمة “جنحة حمل وحيازة أدوات راضة” للمتهمين.

وكانت قضية الطفلة “نورا” أثارت الرأي العام قبل أشهر، خصوصا بعد أن كشفت النتائج أن “الطفلة كانت قد راجعت مراكز صحية هي وشقيقتها الكبرى أكثر من مرة نتيجة تعرضهما لجروح وكسور ناجمة عن عنف شديد، بالإضافة لتعرضهما للجفاف وسوء التغذية”.

وبحسب تقارير إخبارية سابقة، فإن مصادر التحقيق، بينت أن “طبيبا عاين كسرا في جسد الطفلة المتوفاة قبل وفاتها بأسابيع، وأبلغ عمها بأن الإصابة ناجمة عن تعرض الطفلة للعنف وليس حادثا عرضيا، لكن الطبيب أحجم عن إبلاغ دائرة حماية الأسرة والأجهزة الأمنية المختصة بذلك”.

واعتبر مختصون حينها أن “ما حدث مع نورا إنما يكشف عن الضعف في آلية التبليغ في حالات العنف الأسري والعنف ضد الأطفال من قبل مقدمي الخدمات، ما يشكل كذلك مخالفة لقانون الحماية من العنف الأسري”.

وتنص المادة 8 من قانون الحماية من العنف الأسري الذي أقر العام 2008: “على أي من مقدمي الخدمات الطبية والاجتماعية والتعليمية من القطاعين العام والخاص، إبلاغ الجهات المختصة، حال علمه أو مشاهدته آثار عنف، وإشعاره بأنها ناجمة عن عنف أسري”، لكن المادة ذاتها، لا تنص على أي عقوبات في حال امتناع الشخص المعني عن التبليغ.

أما مشروع القانون الجديد للحماية من العنف الأسري فينص على “إيقاع غرامة مالية وعقوبات بحق من يمتنع عن التبليغ، إضافة إلى توفير الحماية القانونية للشهود والمبلغين، خصوصا أن عامل الخوف يعد من أبرز الأسباب التي تدفع مقدمي الخدمات إلى الإحجام عن التبليغ عن حالات العنف”.