وكالة الناس – “عمان ” رغم أن الأردن حقق خلال العام الحالي عددا من الانجازات التشريعية في حماية الطفولة، إلا أن الأشهر التسعة الماضية شهدت، ليس ارتفاعا في عدد حالات العنف ضد هذه الفئة فحسب، وإنما وقوع جرائم قتل بحقهم هزت مشاعر الشارع الأردني. فقد بلغ عدد حالات العنف ضد الأطفال التي تعاملت معها مكاتب الخدمة الاجتماعية بادارة حماية الأسرة في الامن العام 2304 حالات خلال تسعة أشهر الاولى من العام الحالي، وهو ما دعا خبراء للمطالبة بـ”توفير استجابة متكاملة للأطفال المعرضين للعنف وحمايتهم من التعرض لعنف اكبر، خصوصا في ظل تسجيل عدد من حالات قتل للأطفال في نطاق أسرهم”. ووفقا للناطق الاعلامي باسم وزارة التنمية الاجتماعية فواز الرطروط فإن “غالبية الأطفال الضحايا هم من الإناث بواقع 1431 فيما بلغ بالنسبة للذكور 873 حالة”، فيما بلغ إجمالي عدد حالات العنف ضد الاطفال العام الماضي “حوالي 3227 منها 1836 واقعة على اناث والباقي على ذكور”. وشهد العام الحالي وفاة 7 أطفال في جرائم قتل أسرية، كان أكثرها إثارة للرأي العام قضية الطفل قصي ابن الـ 14 عاما الذي توفي صعقا بالكهرباء على يد والده الذي برر جريمته بـ”محاولة تأديب ابنه”، فيما شهدت محافظة الرمثا جريمة أخرى تعد الأكثر بشاعة تجاه الطفلات كان ضحيتها زوجة وطفلتين دون الرابعة من عمرهما. والى جانب هذه الضحايا السبع شهد العام الحالي ايضا 3 جرائم قتل أطفال مقترنة باعتداء جنسي على الضحايا، أولاهما وقعت على طفل يبلغ من العمر سبعة أعوام في حي النزهة بعد تعرضه لاعتداء جنسي من قبل جار عائلته، وصدر حكم بالاعدام شنقا بحق الجاني في القضية التي أخذت صفة الاستعجال. أما الثانية فهي لطفل يبلغ من العمر 8 أعوام قتل بعد تعرضه لاعتداء جنسي من قبل عامل في مصنع، وتبين لاحقا ان الطفل هو ضحية لتفكك أسري وله سجل في ادارة حماية الأسرة يفيد بالعثور عليه هائما اكثر من مرة.
ووقعت الجريمة الثالثة في إربد، عندما أقدمت عاملة منزل تحمل الجنسية الأثيوبية على قتل طفل عمره 4 سنوات طعنا في رقبته بواسطة سكين وبطريقة وحشية.
حصل هذا في وقت “حقق الأردن خلال العام الحالي عددا من الانجازات في الجانب التشريعي لحماية الطفل ابرزها إقرار قانون الحماية من العنف الاسري الجديد، والتعديلات على قانون العقوبات التي نصت على الغاء المادة 308 والتي تعفي الجاني (المغتصب) من العقوبة في حال زواجه من الضحية وهي مادة قانونية كانت تطبق بشكل أكبر على القاصرات، الى جانب اعطاء الوصاية الطبية لكلا الوالدين لاتخاذ قرارات الاجراءات الطبية لأبنائهما في وقت كان قصر القانون سابقا هذه الصلاحيات بالأب”، بحسب الرطروط. ورغم هذه الانجازات التشريعية “تبقى المادة 62- عقوبات التي تبيح الضرب التأديبي على الأبناء، والإبقاء على بند إسقاط الحق في جرائم قتل الاطفال أبرز العقبات التشريعية أمام حماية الطفل”، الأمر الذي دعا خبراء للمطالبة بمأسسة وتعزيز آليات حماية الطفل على المستوى الوطني من خلال وضع وتنفيذ العديد من الخطط والسياسات والاستراتيجيات والبرامج التي تحقق المصلحة الفضلى للطفل وتحميه من كافة اشكال العنف. الامين العام للمجلس الوطني لشؤون الاسرة فاضل الحمود يلفت الى “الشراكة بين المجلس والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية بمجال حماية الطفل ومأسسة الحماية”، مبينا أن المجلس يسعى من خلال الفريق الوطني لحماية الاسرة من العنف الى “تعزيز مبدأ المساءلة على كافة المستويات لضمان ترجمة التوجهات والسياسات الوطنية لحماية الطفل”. واكد أهمية ترجمة دور الفريق الوطني بالإشراف والرقابة على تنفيذ التوجهات والسياسات الوطنية الخاصة بحماية الأسرة والتزام المؤسسات الوطنية بها لتكون مرجعية لها في إعداد خططها المؤسسية في مجال حماية الأسرة وافرادها”. ويقول الحمود من خلال عمل الفريق الوطني لحماية الاسرة من العنف ومتابعاته لتعزيز منظومة حماية الطفل على المستوى الوطني “تبلورت اهم القضايا الواجب التزام المؤسسات الوطنية بها بما يضمن توفير استجابة متكاملة للأطفال المعرضين للعنف وحمايتهم بحيث لا يتعرضون لعنف اكبر”. وبين أن ابرز الامور التي يتوجب الالتزام بها “اعتبار حماية الطفل وحماية الاسرة أولويّة في الاستراتيجيّات والخطط التنفيذيّة، ومتابعة أداء الكوادر، والتأكّد من التزامهم بسياسات الحماية الوطنية”. ويدعو الحمود الى الالتزام بتقييم عوامل الخطورة الشمولية للأطفال المساء اليهم وأسرهم من خلال تقييم درجة خطورة الأمن الشخصي والسلامة الذاتية، وتقييم درجة كلٍّ من: الخطورة الجسديّة، الخطورة النفسيّة، وضع خطط التدخل الشاملة ومتابعتها بشكل دائم ودوري لضمان زوال عوامل الخطورة. ويشدد الحمود على اهمية الالتزام بمنهجية إدارة الحالة وإجراءاتها وفق الإجراءات والأدوار والمسؤوليات الموضحة بالإطار الوطني لحماية الأسرة من العنف الأسري المعتمد من مجلس الوزراء، واتخاذ الإجراءات المؤسسية ، ومراجعة الأدلة الإجرائية لكافة المؤسسات بصورة تتواءم والإطار الوطني ومتطلبات تنفيذه على المستوى المؤسسي. ويلفت الى أهمية التركيز على وضع أسس لاختيار العاملين في المؤسسات المعنية بالتعامل مع حالات العنف مع التأكيد على ضرورة الاستقرار الوظيفي لهم، والتأكيد على أهمية توفير العدد الكافي من الكوادر البشرية، ومراجعة وتعديل إجراءات التعامل مع الحالات الطارئة والخطرة وضمان توفير الحماية والرعاية الايوائية للحالات. ويشير كذلك الى “ضرورة التزام أقسام الطوارئ بالمستشفيات بالتنسيق مع الطب الشرعي عند الاشتباه بأي حالة عنف اسري لتحديد مستوى خطورة الحالة وتحديد الإجراء اللازم بشأنها والالتزام بتطبيق معايير الاعتماد وضبط الجودة لخدمات العنف الأسري والبناء عليها في تحسين الاستجابة لحالات العنف الأسري”.