لم يصدّقوا أن كورونا حقيقة فباغتهم الفيروس موتا
وكالة الناس – لم يلقِ أبو باسم المحاميد بالاً للاشتراطات الصحية الخاصة بالوقاية من كورونا، فكان يجتمع مع رفاقه ويشارك مناسباتهم بدون كمامة، او التفات لأهمية التعقيم، غير مكترث، بنصائح العلم والطب، واجهزة الدولة المختلفة، والتي تتلخص بضرورة اتباع قواعد السلامة العامة، والامتثال لأوامر الدفاع، بحسب زوجته أم باسم.
تقول أم باسم: لم يصدّق زوجها حقيقة هذا الوباء معتبرا إياه من نسج الخيال، إلى أن أصيب به فلم يقو على تحمله سوى أسبوع أحس خلاله بحسرة وندم على ما فرط وتجرّع ويلات الألم ومرارته الى أن لفظ انفاسه الأخيرة، ليلحق بآلاف أودى الفيروس اللعين بحياتهم.
ولم يكن المرحوم ابو باسم المحاميد وحده ممن لم يصدقوا أن الفيروس القاتل حقيقة، فهناك المئات والآلاف غيره باغتهم فأصبحوا في عداد المصابين أو الأموات، وليعم الكرب والحزن على أحباء وأقرباء، وتتوشح وسائل التواصل الاجتماعي بسواد المشهد والعزاء، وسط ابتهالات الناس وادعيتها، بأن يمن الله سبحانه وتعالى على البشرية جمعاء بزوال الغمة واختفاء المرض. رئيس قسم الاوبئة ومسؤول ملف كورونا في احدى مديريات الصحة الدكتور يونس التلاوي، قال إن الوضع الوبائي أخطر مما هو عليه في السابق، خاصة مع ظهور سلالات جديدة لفيروس كورونا، وحدوث إصابات قاتلة بين صفوف الكوادر الطبية والتمريضية، داعيا إلى دعمها ودعم فرق الاستقصاء الوبائي، لما يبذلونه من تضحيات لإنقاذ المرضى.
وأشار إلى أن الوقاية الصحية وسيلة لدحر هذا الوباء، لكنه أكد ضرورة تعزيز الاختصاصات الطبية كالإسعافات الفورية والتوعوية، حيث تشكل التوعية من المنظور الوبائي ما نسبته 80 بالمئة من العلاج.
وأكد أيضا أهمية أخذ الحيطة والحذر، كمسؤولية مجتمعية وصحية وأخلاقية، حيث من الخطورة بمكان أن يتنقّل الشخص المصاب بين الناس بحجة الخوف من الوصم، إذ يتسبب ذلك بنقل العدوى لخمسة أشخاص آخرين على الأقل، ويتفاقم انتشار الفيروس.
بدوره، استغرب رئيس قسم الإرشاد في جامعة اليرموك الدكتور حسن الصباريني، مما وصفه باستهتار البعض على إقامة أفراحهم وأتراحهم، في ظرف يستدعي عدم التهاون وحماية النفس من أي أذى، مشيرا إلى أن مخالطة المصاب لآخرين، قد يتسبب بوفاة من لم يستطع جسمه منهم مقاومة المرض، فيكون حينها قاتلا للنفس البشرية، مشددا على ضرورة التعاون في مثل هذا الظرف والإبلاغ عن أي وجود حالات بين الناس، حماية لهم وللجميع.
وفي مسألة التعامل مع الأحداث والمثيرات الخارجية المهددة لبقاء الإنسان، بين أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور سليم القيسي، وجود فروقات في كيفية تعامل البعض مع التعليمات والقوانين المتعلقة بجائحة كورونا، إذ تميزت بالتباين من مرحلة لأخرى.
وأضاف، في بداية الجائحة سيطرت على بعض الأذهان نظرية المؤامرة والتشكيك بالوباء، ما أدى إلى عدم الاهتمام أو المبالاة، ثم استسلم الناس لوجود المرض بعد التزايد بعدد الإصابات والوفيات.
الأكاديمي والناشط الاجتماعي والاعلامي الدكتور محمد عوض الفواعير، أكد من جانبه ضرورة الالتزام في هذه المرحلة بإجراءات الوقاية، وعدم الاستسلام للمرض، والوقوف يدا بيد في المرحلة الوبائية الحرجة، في ظل إجراءات حكومية وقائية لضبط العدوى وتسطيح المنحنى الوبائي.
ودعا إلى التحمل في هذا الوقت العصيب من أجل الوطن، ولكبح هجمة الفيروس وجماحه، مشددا على أهمية أن لا يخالط أي يصاب بالفيروس الآخرين تحت اي ظرف. استاذ الفقه والقضاء الشرعي في قسم الفقه بكلية الشريعة في جامعة آل البيت الدكتور محمد علي العمري، قال: يحرم التهاون بالأخذ بأسباب السلامة جميعها، لأن المتهاون يعرّض نفسه والآخرين إلى التهلكة، وقد نهى الله تبارك وتعالى عن ذلك، مبينا أن اقتراف الامر المنهي عنه شرعا، يقع في باب الحرام والاثم.
وأشار إلى أن الله تبارك وتعالى عدّ قتل النفس من أبشع الجرائم، وعدّ الحرص على حفظ حياة الانفس من أسمى الاعمال التي يقوم بها الانسان، موضحا أن حماية النفس وصحة الإنسان وسلامته ضرورة واجبة على كل مسلم، خاصة في ظل وباء كورونا.
وعن عدم الاخذ بسبل الوقاية من الوباء، أوضح العمري أن في ذلك معصية لله تعالى، حيث أمر جل جلاله، بطاعة ولي الامر الذي دعا الى الأخذ بسبل الوقاية، وهذا امر تجب الطاعة فيه بلا خلاف.
وقال، إن عزل المريض المصاب بالفيروس واجب شرعاً؛ لأن من شأن ذلك أن يقلل من انتشار العدوى والعمل على حفظ الانفس، كما لا يجوز، وفقا للعمري، لمن ظهرت عليه أعراض المرض أن يخفي ذلك عن الجهات الطبية المختصة ولا عمن خالطهم.