أبرز طقوسها الانتحار بالقرعة.. القربان جماعة دينية غامضة تثير الجدل بالعراق
وكالة الناس – في محافظة ذي قار جنوب العراق، ظهرت مؤخرا جماعة تطلق على نفسها اسم “القربان” أو “العلاهية” وتطرح أفكارا وطقوسا غريبة منها الانتحار أو “التضحية بالنفس” كما يسمونه في المناسبات الدينية.
وتعتبر هذه الجماعة محظورة في الدستور والقوانين العراقية. ويعتقد أتباعها بألوهية الإمام علي بن أبي طالب (ابن عم النبي محمد عليه الصلاة والسلام) ورابع الخلفاء الراشدين، رضي الله تعالى عنه.
وأثار ظهور هذه الجماعة في محافظة ذي قار قلق الأهالي، لا سيما أن فكرها يقوم على أساس القربان (التضحية بالنفس) في المناسبات الدينية، وبموجب ذلك تجري قرعة لاختيار الشخص المنتحر، أو الذي سيضحي بنفسه.
يقول الباحث في التراث الإسلامي محمد البخاري إن هذه الحركات والجماعات “المنحرفة” عن الخط الاجتماعي السائد تمثّل “حالة مَرضية” لها أسبابها الداخلية والخارجية، وتؤدي إلى “سلوك شاذ” في فهم الحقائق و”ربما يكون بعضها ضحية صناعة مخابراتية لتشويه فكرة عقائدية وكسر قدسيتها في المجتمع المستهدف”.
وعن جذور هذه الحركات، يقول البخاري للجزيرة نت إن هذه الجماعات تعود إلى عقود مضت، وقد أعلنت جميع المراجع الدينية في الحوزات العلمية بالنجف براءتها منها.
ويشير البخاري إلى أن هذه الجماعة ظهرت أولا إبان حياة المرجع الديني الراحل محمد محمد صادق الصدر، وقد تبرأ منهم في حينها، ولكنهم عاودوا الظهور مؤخرا.
ووفق الباحث، فإن “القربان” وجماعات أخرى عادت للظهور، الفترة التي تلت سقوط نظام صدام حسين بسنين قليلة، لكنها عادت بصور متنوعة إلى أن وصلت إلى اعتناق أفكار كالانتحار، في حالة تشبه بعض الجماعات في المجتمع الغربي، “وبالتالي فإن الأفكار التي تحملها تلك الجماعات دخيلة على المجتمع العراقي”.
- إما “عقائدية ضالة مضلة” ناتجة عن فهم خاطئ للدين.
- أو أن لها أبعادا سياسية.
- أو تريد تحقيق مكاسب دنيوية كالاستحواذ على المال بغير وجه حق.
- أو تجمع تلك الحركات بين الوجه العقائدي “الضال” وبين الوجه السياسي في حركة واحدة.
ويضيف الطائي أن الجهل الذي يعيشه الكثير من الشباب وحالة التردي الكبير في الوعي يفقدهما بصيرتهم، خاصة مع الاندفاع والحماس الذي يجعلهم أكثر تفاعلا وتأثرا بمثل هذه الحركات، لاسيما وأن كثيرا منهم متأثرون بشكل أو بآخر بمفهوم “خالف تُعرف” أو “كل ممنوع مرغوب”.
ويشير الطائي أيضا إلى ضعف الخطاب الديني الواعي الذي يناسب المرحلة ومتطلباتها ويقدم أجوبة مقنعة لما يدور في خلد الشباب من شبهات و”كل هذه الأمور مجتمعة هي أرض خصبة تشجع على ظهور مثل هذه الحركات وتدفع بالشباب إلى الانخراط فيها من حيث لا يعلمون”.
ويفرّق الباحث في تاريخ الأديان الشيخ عباس شمس الدين بين “جماعة القربان” وفرق انتحارية أجنبية تؤمن بحلول ما تسميه “القيامة الفورية” مثل جماعة “جونز” أو جماعة “ديفيد كوريش” إذ تعتبر جماعة “القربان” الانتحار “تضحية بالنفس” قربانا “للإمام علي” الذي تؤمن بألوهيته، حسب زعمها.
ويؤكد شمس الدين -في حديثه للجزيرة نت- أن جميع فرق الغلاة المؤلهة لأشخاص كسيدنا علي أو لأحد من ولده أو كـ “الراوندية” المؤلهة لأبي جعفر المنصور أو أي طائفة من طوائف “النصارى” لم تتبنّ فعل الانتحار، بخلاف ما يُنشر عن جماعة “القربان”.
أما الباحث في الشأن السياسي العراقي واثق الجابري، فيقول إن غالبية الجماعات المتطرفة ظهرت بعد عام 2003، مستغلة فسحة الحرية، وإن كانت تستند إلى بعض العقائد المنحرفة وسلوك طرق التشدد.
ويشير الجابري إلى أن هذه الجماعات “عادة ما تثير الفرقة والضغينة بين المجتمع العراقي والعزف على وتر الطائفية، من خلال استغلال شريحة من الشباب ممن يعانون من ظروف اقتصادية صعبة”.
ويوضح أن تلك الجماعات تنشأ عادةً في بيئات فقيرة، ولا يستبعد “أن تكون لها دوافع سياسية بغطاء ديني من خلال تحريف بعض الفتاوى الدينية، واستخدام عناوين مختلفة مثل (جماعة القربان) أو (أصحاب الحق) أو (جند السماء) وما شابه من العقائد المنحرفة والمرفوضة مجتمعيا ودينيا وسياسيا وقانونيا”.
و”جند السماء” حركة متطرفة مسلحة ظهرت عام 2007 في منطقة “الزركة” قرب محافظة النجف (وسط) وادعى مؤسسها ضياء الكرعاوي واسمه أيضا “أحمد بن الحسن اليماني” أنه الإمام المهدي المنتظر.
وكانت هذه الجماعة تنوي السيطرة على مدينة النجف بالتزامن مع ذكرى عاشوراء، غير أن القوات الأمنية تمكنت بعملية استباقية من القضاء عليها بمساندة القوات الأميركية.
جدير بالذكر أن الدستور العراقي يجرّم ظهور مثل تلك الحركات، وتصل عقوبة تأسيسها أو الانتماء لها إلى المؤبد أو الإعدام وفقا لأحكام المادة رقم 372 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
وتنص المادة السابعة من الدستور على حظر كل كيان أو نهج يتبنى “العنصرية” أو “الإرهاب” أو “التكفير” أو “التطهير الطائفي” أو يحرّض أو يمهّد أو يمجد أو يروج أو يبرر له.