القيسي تكتب: ما الذي تحتاجه الأحزاب.. قيادات نسائية تصنع القرار أم تمثيل عددي؟
وكالة الناس
بقلم أ. ديما القيسي
مضى أربع سنوات على مشروع التحديث السياسي الذي جاء وفق إرادة ملكية سامية وضعت تصوراً لمستقبل الأردن في مئويته الثانية بما يحقق الأفضل للأردن وشعبه، وقد أسفر مسار التحديث السياسي عن قانون أحزاب سياسية جديد، وضعت له تشريعات قانونية واضحة ضمنت حضور المرأة ضمن نسبة مثبتة فضلا عن ضمانات تضمن حقها في المشاركة الحزبية والسياسية الفاعلة والوصول إلى المواقع القيادية.
صحيح أن هناك إنجازات لا يمكن إنكارها حول مشاركة المرأة السياسية وانخراطها في العمل العام وانضمامها في الأحزاب السياسية، ويمكن البناء عليها، لكنها تبقى دون الطموح والمستوى المأمول وثمة معيقات ومحددات لا يمكن تجاهلها ويجب البحث عن حلول لها.
بمعنى آخر من حقنا أن نتساءل إذا كنا نريد فعلا حضورا فاعلا للمرأة في السياسة، هل فعلا استطاعت الأحزاب من تمكين المرأة سياسياً وحزبيا وبناء قدراتها وضمان مشاركتها الفاعلة والمؤثرة وأتاحت لها أن تكون في موقع القيادة واتخاذ القرار.؟
يأتي هذا التساؤل على هامش مشاركتي في المخيم السياسي التدريب الأول والتدريب المتقدم الذي نظمته هيئة الأمم المتحدة لشؤون المرأة واللجنة الوزارية لتمكين المرأة، حيث خاضت مجموعة النساء تجربة سياسية تضمنت مواضيع مختلفة مثل الهوية السياسية ومحاكاة الإدارة المحلية والإعلام الحزبي والاتصال السياسي وسياسات كسب الحشد والاستقطاب والعنف الانتخابي ضد المرأة وغيرها من المواضيع النوعية التي من شأنها بناء قيادات حزبيات سياسيات وفاعلات. وهو تساؤل ليس من باب النقد إنما من باب التجويد والتطوير والبناء على ما تحقق، حيث أنه ومن خلال مقاربة سريعة مع واقع المرأة في الأحزاب السياسية اليوم، فإن الحديث عن التحديات والمشكلات لا يفيد بدون تقديم حلول واقعية وعملية وقابلة للتطبيق، تتبناها كافة الأحزاب السياسية الأردنية ويكون هدفها تمكين المرأة داخل الحزب أولا ثم تهيئتها لخوض الانتخابات العامة النيابية والمحلية وغيرها.
إن بناء قيادات نسائية ممكنة سياسياً ولها دور فاعل وتستطيع الوصول إلى المناصب القيادية واتخاذ وصناعة القرار لا يتم إلا من خلال معسكرات تدريبة سياسية نوعية مكثفة، فكرة المخيم أو المعسكر السياسي داخل الحزب هي أحد الأفكار الإبداعية والمهمة التي نستطيع من خلالها تحقيق أهداف التحديث السياسي وتنفيذ رؤية جلال الملك عبدالله الثاني بن الحسين الذي وضع المرأة في محور الاهتمام وجعلها شريكا أساسيا في نهضة الأردن وتقدمه وتنميته المستدامة.
تقوم الفكرة في الأساس على استهداف الحزب للنساء المنتسبات له، وتقديم لهن تدريبات نوعية نظرية وعملية تحاكي المفاهيم الأساسية في السياسة والعمل الحزبي، وتبني قدراتهن التواصلية، وتجعل منهن مؤهلات بدرجة عالية على المشاركة العامة وتمثيل الحزب بكل كفاءة، على يد خبراء ومختصين في هذا الشأن وما يتناسب مع توجهات الحزب وقيمه وأفكاره وبرامجه ، وبهذا نحصد نساء قياديات صناعت القرار لا مجرد أعداد وأرقام، منتميات لأحزابهن وتتشربن أفكار الحزب ومبادئه، وتتمتعن بمهارات قيادية رفيعة عبر تجربة ثرية وملهمة من شأنها ليس فقط أن تفتح آفاقاً معرفية ومهارية لدى النساء الحزبيات، بل أيضا من أجل رفد الدولة والمجتمع بما يحتاجه من أجل التنمية والتطور والتقدم ومن أجل تحقيق المساواة والمواطنة الصالحة التي تقوم على أساس الكفاءة والقدرات دون تمييز على أساس الجنس وغيره.