0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

النائب كريشان يكتب: حوار حول مستقبل أكثر اشراقا

وكالة الناس

بقلم: النائب حسين كريشان

نعيش في زمن تختلط فيه المعطيات وتتسارع فيه المتغيرات وتتعمق فيه مشاعر القلق والاستقطاب ويتراجع فيه الخطاب الهادئ لمصلحة الضجيج والانفعالات وبين هذا وذاك تبدو الحاجة اليوم أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى للعودة إلى جوهر إنسانيتنا إلى التواصل الحقيقي إلى الحوار الذي يصغي لا الذي ينتظر دوره للكلام إلى بناء جسور من الثقة في عالم تغلب فيه الانطباعات على الحقائق وتُغيب فيه الضوضاء أصوات العقل والضمير

 

من هذا المنطلق جاء خطاب سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني في منتدى التواصل ليؤسس لحظة وطنية جديدة تأخذ من الواقع زادًا وتبحث في المستقبل أفقًا وتتمسك بجذورها وهي تتطلع نحو الغد بيقين وثبات بدأ سموه خطابه بالتأكيد على الثوابت الأردنية التي لم تتبدل منذ التأسيس والتي باتت تشكل ملامح ثابتة في شخصية الإنسان الأردني المثابرة والإخلاص والتميز هذه ليست شعارات بل منظومة قيم حقيقية أثبتت عبر الزمن قدرتها على حماية الأردن من العواصف وحمله من تحدٍ إلى آخر بشجاعة وصبر وعقلانية ،ولم يكن الخطاب مجرد وقفة وجدانية بل كان أيضًا رؤية متكاملة لواقعنا التكنولوجي وللمستقبل الذي نريد أن نصنعه بأيدينا لا أن ننتظر مجيئه كيفما اتفق لقد تحدث سمو ولي العهد عن التكنولوجيا لا كأداة جامدة بل كقيمة إنسانية يجب أن توظف لتمكين الإنسان لا لتهديده للارتقاء بحياته لا لتقويضها في عالم لم تعد فيه قيمة الدول تُقاس بما تملكه من مصانع وآلات فقط بل بما تملكه من عقول وما تحتضنه من طاقات فكرية وقدرات بشرية واستعدادات للإبداع والتجديد

 

ان رؤية سموه لم تكن نظرية أو حالمة بل ارتبطت بتفاصيل حياتنا اليومية تخيل طالبةً تستخدم مساعدًا افتراضيًا يعمل بالذكاء الاصطناعي فيتعامل مع استفساراتها ويتابع تقدمها الدراسي ويمنح المعلمين قدرة أكبر على تخصيص التعليم حسب احتياجات الطلبة وتخيل مواطنًا يراجع مركزًا صحيًا في منطقة نائية لا تتوفر فيها اختصاصات معينة ليجد أن التكنولوجيا تفتح له نافذة على العالم وتربطه بطبيب خبير دون أن يغادر مكانه ودون أن تثقله المسافات أو التكاليف ،وهكذا تُوظف التكنولوجيا في خدمة الإنسان حين تكون الأداة بيد الرؤية لا العكس حين تكون المعرفة وسيلة للتمكين لا غاية للهيمنة حين يُستثمر الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات السكانية والاقتصادية والصحية لتوجيه القرار العام وتعزيز الشفافية وتحسين جودة الحياة وتوقع المخاطر قبل وقوعها لا في مراقبة الأفراد أو التعدي على الخصوصيات

 

في كل ما قاله سموه كانت الرسالة واضحة نحن لا نملك ترف الانتظار ولا رفاهية التردد نحن نمتلك ما يجعلنا روادًا لا تابعين وأصحاب أثر لا مجرد مستهلكين نملك الطاقات البشرية والبيئة المستقرة والإرادة السياسية ولدينا من الإرث ما يجعلنا قادرين على بناء المستقبل دون أن نفقد جذورنا ومن المهم هنا أن نعي أن امتلاك أدوات التكنولوجيا ليس هدفًا في ذاته بل هو وسيلة لبناء مجتمع أكثر عدالة أكثر تكافؤًا أكثر تماسكًا

 

ان مجلس تكنولوجيا المستقبل الذي أشار إليه سموه هو نموذج لهذه الرؤية التي تتجاوز المفهوم الإداري التقليدي إلى عقلية جديدة في التفكير والتخطيط والتنفيذ عقلية ترى أن المؤسسات ليست مجرد هياكل بل بيئات للإبداع وأن تطوير الخدمات لا يأتي فقط من زيادة الموارد بل من تحسين طرق التفكير وتحرير العقل من البيروقراطية والرتابة

 

حيث أن الخطاب تضمن بعدًا عربيًا كذلك إذ دعا سمو ولي العهد إلى تكامل عربي في مجال التكنولوجيا الذكية وإلى أن يكون الأردن منصة لتصدير الحلول لا لتلقيها فقط وهو ما يعكس طموحًا مشروعًا بأن يلعب بلدنا دورًا إقليميًا مؤثرًا في ظل ما نملكه من عناصر القوة وأهمها الإنسان الأردني الذي أثبت على الدوام أنه قادر على الابتكار حين تتاح له الفرصة وتُفتح أمامه الأبواب

 

في نهاية الخطاب كانت العبارة الجامعة إن المعرفة قوة لكن الأفكار الخلاقة ثروة وإن مواكبة العصر والتفكير في المستقبل لم تعد خيارًا بل ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل فالأوطان تُبنى بالعقول النيرة لا بالشعارات والتاريخ يكتبه من يصنع الفارق لا من يكتفي بالتكرار ،وذلك هو الأردن الذي يريده ولي العهد أردن متماسك في داخله متقدم في أدواته إنساني في توجهاته قوي بأبنائه منفتح على محيطه وراسخ في مبادئه أردن الحلم والعمل أردن المستقبل