0020
0020
previous arrow
next arrow

مساجدنا …. بيوت الله التي لا تغلق

 

 

وكالة الناس – كتب/ الدكتور. رجائي حرب
إخوتي وأخواتي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكل عام وأنتم بخير بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك
إستوقفني بالأمس حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يقول فيه: (لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها، وأولهن نقضا الحُكْمُ وآخرهن الصلاة) رواه أحمد وغيره وصححه الحاكم والطبراني في المعجم الكبير وابن حبان في صحيحة.
فقد انتقضت العروة الأولى وهي عروة الحُكْمِ في الاسلام، بعد انتهاء الخلافة الراشدة عندما أصبح الحكم (جبرياً ووراثياً وعضوضاً ولا يقوم على اختيار الأصلح والأكفأ، بل الأقرب والحاكم باسم العائلة )؛ وما عاد المسلمون يحكمون بالقرآن ولا بتعاليمه التي شرعها الله سبحانه، ولا بما أنزل من فوق سابع سماء، وذهبوا في مرحلةِ ما بعد الثورة الفرنسية لتطبيق القوانين الوضعية التي وضعها الانسان حسب أهوائه وبما يشبع غروره؛ وذلك بسبب وساوس الشيطان الذي يسعى لتجنيد أكبر عددٍ من البشر ليبني مملكته على الأرض بعدما طرده الله سبحانه وتعالى من السماء، رغم أن الله حذرنا أن لا نتبع خطوات الشيطان لأنه لنا عدوٌ مبين.
واقتتل الناس وتفرقوا وظهرت الفرق الاسلامية التي شطحت في تفسير الدين حسب أهوائها وغاصت في أعماق ما سكت عنه الله ورسوله لا تناسياً وإنما تخفيفاً على العباد وتناسوا ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: ( مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ فَهوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنهُ فَهُوَ عَفْوٌ، فَاقبَلُوا مِنَ اللهِ عَافِيَتَه ثم قرأ صلى الله عليه وسلم ( وَمَا كَانَ رَبُّك نَسِيَّا )) أخرجه الدارقطني في سننه والحاكم في المستدرك والطبراني في مسند الشاميين؛ وظهر هنا دور أعداء الاسلام ليصبوا الزيت على النار ويثيروا الفتنة بين إخوة الاسلام.
ولم نعد نحب في الله ولا نبغض من أجل الله سبحانه، ثم عشنا عهد الحكم العضوض؛ الذي استنصر بأعداء الاسلام على الشعوب، وكمم الأفواه، وبطش بالناس، واستعبدهم وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؛ ولم تخلو حقبةً إسلامية من الفتن والخلافات، حتى انتشر الجهل الذي أصبح الطريق الأوسع لعودة الجاهليه الأولى التي سرًّعت في نقض ما تبقى من عرى الإسلام، فعاد المعروف منكراً، والمنكر معروفاً، وغرقنا في عصور الظلام والجهل التي لن نستطيع الخروج منها إلا بمعجزةٍ من الله سبحانه.
وأصبحنا ألعوبةً بين أعدائنا، وكلما حاولنا الخروج من مستنقعنا التاريخي ورفض المؤامرات ضدنا، وجدنا أن أقرب الناس لنا يريدوننا أن نبقى حبيسي لحظتنا التاريخية البائسة. وكأنهم استمرأوا الذل والهوان، وعشعش في قلوبهم الضعف والذل بسبب انغماسهم في ملذات الحياة.
ونجد أننا نعيش حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما بيَّن لنا أن آخر عرى الاسلام المنقوضة هي عروة الصلاة؛ فها هو النظام العالمي الجديد – ومن خلال أنظمتنا السياسية وحكوماتنا التي لا تستطيع أن ترفض أوامره – يتآمر كي ينفذ أجندةً شيطانية تبدأ من نشر البطالة بين فئة الشباب واغلاق أبواب الأمل في وجوههم وتعطيل قدراتهم حتى لا يحققوا ذواتهم وبناء مستقبلهم في بلدانهم التي تعج بالامكانيات الكبيرة من موارد طبيعية هائلة، ثم يتم تعيين الاشخاص في غير وظائفهم المناسبة لقتل روح الابداع والابتكار.
ثم تبدأ الطبقية في التعليم فمن يملك المال يدرس في أرقى الجامعات ومن لا يملكه يبقى على هامش التاريخ، ويأتي دور الدول لتتخلى عن دور الرعاية وحماية مواطنيها، وتترك الجميع يواجه جحيم العيش والفاقة بقدراته البسيطة؛ وتكون النتيجة فشل الجميع في مواجهة عدوٍ خفيٍ غير معروف، وتدخل الشعوب في نفقٍ لا تبدو نهايته قريبه؛ ويبقى الجميع يلهث بحثاً عن رغيفِ خبزٍ يسد به جوع أطفاله الذين يموتون أمام ناظريه؛ فتتهشم قيمة الأسرة، ويقوض الضياع دورها في بناء المجتمع، ويحطم قيمتها في المحافظة على مستقبل الأمة.
فكيف ووسط كل هذه الاحباطات المرسومة بطريقةٍ خبيثة يستطيع ضعفاء مجتمعاتنا أن يقاوموا كل هذا الخبث الي نشره المتآمرون الشيطانيون بين ظهرانينا؟
فيوماً يحجرون الناس كقطعان المواشي، ويوماً يعطلون أشغالهم، ويوماً يعطلون صلواتهم، ويوماً يحرمونهم من التواصل مع أقاربهم؛ حتى فقد الجميع تركيزه، وصرنا ألعوبة وعبيداً لأوامر لا تتناسب مع طبيعة حياتنا، ونلهث في طريقٍ ليس له نهاية من الخبث والضلال.
ويتساءل الجميع عن سبب إغلاق بيوت الله وهل هي سبباً في نشر الأوبئة والأمراض. في حين أن الناس تلتقي بالأسواق ووسائل المواصلات والأندية الرياضية والمستشفيات وفي كل نشاطات الحياة اليومية؛ في حين يؤكد علماؤنا أنه ( لا يجوز تعطيل صلوات الجمعة والجماعة والأعياد إلاّ بدليل قطعي الدلالة ولضرورةٍ محققة، وليس لأدلة وهمية وظنية واحتمالية، وأنه لا يجوز بناء الأحكام الفقهية على التوقعات ). فلماذا هذا الاصرار على قطع الصلة ببيوت الله ؟!
إنهم يميتون الصلاة في النفوس، ويبعدون الناس عن بيوت الله وعن المصاحف وعن التعبد والتلذذ بقضاء أروع الأوقات في ضيافة الرحمن؛ ويتناسون الآيات الكريمة الدالة على عظم المساجد ودورها في تهذيب النفوس عندما يقول الله سبحانه ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ الله وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ لِيَجْزِيَهُمُ الله أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالله يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} سورة النور: 36-38
من هنا نكتشف عظم المؤامرة ضد مساجدنا ودور العبادة بصورة عامة، وكيف يتم تشويه صورتها كمصدر من مصادر نشر الأمراض والأوبئة، مما يستدعي أن يتم مراجعة مثل هذه التعليمات والأوامر قبل فوات الأوان، وقبل أن يكتبنا الله مع المتآمرين ضد بيوته المباركة، وحتى لا نكون من المساهمين في نقض آخر عرى الاسلام كما جاء بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهي الصلاة؛ وبما يستوجب معاقبتنا ونزول عذاب الله علينا.
اللهم اشهد أنه لا يسرنا إغلاق بيوتك المباركة، ولا تعطيل صلوات الجماعة، وأننا سنلتزم بتعليمات الأمن والسلامة إذا تم فتح بيوت الله حتى لا نكون سبباً في نشر أي مرضٍ أو وباء، وحتى لا نكون من الذين ينقضون عُرى الاسلام.
والله من وراء القصد