“إكستراكشن 2”.. الخلطة السرية لجزء ثان أفضل من الأول
وكالة الناس – يُعرض في الوقت الحالي على منصة “نتفليكس” (Netflix) فيلم الأكشن “إكستراكشن 2” (Extraction II) من إخراج سام هارغريف، وكتابة المخرج والمؤلف جو روسو الذي اقتبسه عن رواية مصورة، وبطولة النجم كريس هيمسورث الذي اشتهر سابقًا بدور “ثور” (Thor) بطل أفلام “مارفل” (Marvel).
يمثل هذا الفيلم الجزء الثاني من فيلم “إكستراكشن” الذي صدر عام 2020 وأصبح أعلى الأفلام مشاهدة في تاريخ نتفليكس، وقد شاهده 99 مليون مشاهد في أول شهر من عرضه، ونجاح هذا الجزء جعل الجزء الثالث قيد التطوير.
الخلطة السرية لجزء ثان أفضل من الأول
واحدة من كبرى أزمات الأجزاء الثانية من الأفلام أنها إلى حد كبير مجرد إعادة تدوير لأسباب نجاح الجزء الأول منها. ولأنها لا تأتي بجديد، تقع في فخ التكرار، وتصبح في كثير من الأحيان علامة على الفشل بدلًا من النجاح.
هذه القاعدة تخرج عنها بالتأكيد بعض الأفلام، مثل سلاسل أفلام “توب غن” (Top Gun) و”جون ويك” (John Wick) التي استطاعت الاستمرار بوتيرة تصاعدية، لتقدم في كل فيلم تجربة تفوق سابقتها من حيث الجودة.
ويمكن أن ينضم فيلم “إكستراكشن 2” إلى قائمة الأفلام الثانية الأفضل حتى من أجزائها الأولى، وقد استطاع صناعه وضع نجاح نسخة 2020 نصب أعينهم، وبلورة أسباب هذا النجاح، ثم تقديمها بالجزء الثاني بشكل أقوى وأفضل مع عوامل قوة إضافية.
أبرز ما جاء في الجزء الأول مشاهد الأكشن، سواء من حيث الأداء والتصميم، أو التصوير الخاص بها، وقد اعتمد على استغلال الإضاءة الطبيعية، وأماكن التصوير الخارجية المميزة، وحركة الكاميرا، لإبهار المشاهد، حتى ذلك الجالس في منزله ليشاهد فيلما معدا خصيصًا للمشاهدة على الشاشات الصغيرة.
انتهى الجزء الأول من “إكستراكشن” بالبطل مثخنًا بالجراح بعد أداء مهمته بنجاح، بشكل يجعل المشاهد يتوقع موته، ومن هذه النقطة بالضبط بدأت أحداث الجزء الثاني، إذ تم إنقاذ “تايلر”، لكن في حالة صحية خطرة للغاية.
وعبر المونتاج الافتتاحي يتابع المشاهد تطور حالته الصحية، وأزمته النفسية لتدهور لياقته البدنية، التي تجعل من حركته اليومية صعبة، وينتهي هذا الفصل من الفيلم بالمقاتل وقد قرر الاعتزال في كوخ ناءٍ بعدما ظن أن أيام الحرب انتهت بلا رجعة.
لكن يأتيه نداء المغامرة من شخص يصعب ألا يلبي نداءه، زوجته السابقة، وأم ابنه الراحل تطلب منه المساعدة في استعادة أختها وأولادها الذين اختطفهم الأب المجرم الخطير المسجون، حيث وضع أولاده وزوجته معه في سجنه، وسامهم العذاب في بيئة لا تصلح بالتأكيد لتربية الأطفال.
يعود الفيلم هنا إلى واحد من أهم المشاهد المتكررة في هذا النوع من الأفلام، وهو المونتاج لعملية إعادة تأهيل البطل ذي اللياقة البدنية الضعيفة، وإعادته أقوى مما كان من قبل، وهو مشهد يبث الحماس في المشاهد مثل البطل أو أكثر، ويخبره أن الفصل المليء بالمغامرة على وشك البدء.
بداية سلسلة جديدة
أخذ فيلم “إكستراكشن” من الجزء الأول كل عوامل النجاح وأصقلها لتظهر أفضل، فعلى سبيل المثال تنوعت مشاهد الأكشن وأماكن تصويرها، ليأخذ كل منها طابعًا خاصًا ومميزًا عن باقي المشاهد.
ومن أهمها أول مشاهد الحركة خلال تهريب الأم وطفليها من السجن، الذي يختبر فيه تايلر قواه لأول مرة، فلا يحارب فقط رجلا شريرا، بل جيشا كاملا. وبعده مشهد القطار ومشاهد أوروبا التي صنع المخرج لكل منها مذاقًا خاصًا.
لكن نقطة القوة الثانية في هذا الجزء، هي الطابع الإنساني الذي أضافه الفيلم على بطله، فهو هنا يحارب من أجل الوفاء لزوجته السابقة، وذكرى ابنه الراحل، ينقذ أولاد خالته من مصير مكفهر، علما أن أحد الطفلين مراهق يبلغ عمره عمر ابنه لو ظل على قيد الحياة.
يتصارع بطلنا ليس مع الرجال الأشرار فحسب، ولكن مع أشباحه الشخصية وهواجسه حول نفسه بوصفه أبًا ترك ابنه على فراش الموت، وزوجًا غائبًا لم يملك القوة لمواساة زوجته بعد هذا الفقد الهائل.
وهناك كثير من النقاط المشتركة بين أفلام “جون ويك” و”إكستراكشن”، فكل من مخرجي هاتين السلسلتين كان سابقًا ممثلًا بديلًا للمشاهد الخطرة “دوبلير” (Stunt)، كما أن كلا منهما لم يقدم أي مشاريع أخرى -بوصفهما مخرجين- بعيدًا عن هاتين السلسلتين، وكلا منهما أيضا يفهم بدقة كيفية تصوير مشهد أكشن مميز ليس فقط من حيث تصميم الحركة داخل المشهد، بل من حيث العناية بكل ما هو بصري في اللقطة، لتصبح مبهرة قلبًا وقالبًا.
كما أن كلا من البطلين “جون ويك” و”تايلر” عانيا الفقد الذي أعاد تشكيل شخصيتهما، وذهبا بعيدًا بكامل إرادتهما الحرة لاعتزال هذه المهنة الخاصة، ثم عادا لأسباب عاطفية.
وتبقى النقطة الفاصلة بين الشخصيتين هو الحد الذي تقف عنده إنسانية البطل، فجون ويك من البداية حتى النهاية شخص لا يتفاعل بشكل عاطفي إلا مع ذكرى زوجته وكلبه، بينما يبدو آليًا في قضائه على كل أعدائه، وهي ميزة في شخصيته أعطت السلسلة طابعها الخاص بالفعل، هو البطل اللامبالي بمقدار الدم الذي يسيله في رحلته للانتقام النهائي.
في حين أن تايلر في “إكستراكشن” على الرغم من عضلاته المفتولة أكثر هشاشة وإنسانية؛ لا يحمل فقط عبء ماضيه، ولكن علاقاته الحالية، مثل صداقته مع نيك وياز خان، الأخوين اللذين يديران عملياته.
وبالتوازي مع قرار العمل على جزء ثالث من الفيلم، يمكن القول إننا أمام سلسلة جديدة ستستمر لعدة أفلام، وربما ستكون الرهان الناجح من نتفليكس التي تحاول بلا جدوى الدخول في عالم السلاسل السينمائية منذ فترة طويلة.