مرسيل خليفة يمر على الزمن في بيت الدين فيجد كل شيء مكانه بعد 30 عاما
وكالة الناس – يمر الفنان اللبناني مرسيل خليفة على الزمن بعد ثلاثين عاما فيجده يراوح زمانه ولا يبارح المكان.. كل شي فيه صالح لموسيقى الحرب.
خليفة الذي افتتح مهرجانات بيت الدين قبل ثلاثين عاما صعد ليل الأربعاء على مسرحه ليجد الجمهور ما يزال يتوق إلى أغنيات كانت رفيقة الرصاص خلال الحرب الاهلية بين عامي 1975 و1990 ويتفاعل معها ويحفظ مسارات ألحانها ويرددها كما كان يفعل في الملاجئ وأمكنة طرد الخوف.
وفي الصفوف الأمامية رموز حرب اعتزلوا البندقية منذ عقدين ومن أبرزهم الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.
وصفق وزير الصحة وائل ابو فاعور الذي يشن حملة صحية في البلاد معتبرا الحفلة “مطابقة للمواصفات”.
واستعاد خليفة مع جمهوره الزمن الماضي والمكان الماضي والاغاني الماضية في حفلة عنوانها (وعود من العاصفة) وهو نفس عنوان حفلة أقامها قبل ثلاثين عاما في افتتاح مهرجانات بيت الدين قائلا إن استعادة الزمن السابق هو فعل “إيمان بالمستقبل وإصرار على التغلب على الضعف والمآسي والفواجع التي ألمت بنا.”
وللتماهي مع الحال في لبنان أعلن قبيل بدء الحفلة عن أغنية جديدة عنوانها (لولا الزبالون) في ظل تراكم القمامة في البلاد والتي تعكس أزمة حكومية كبيرة.
والأغنية قصيرة لا يزيد طولها عن عنوانها.. كلمتان وموسيقى ليحفز الخيال والتساؤل: ماذا يمكن أن يصير لولا وجود عمال النظافة؟.
وعلى مدى أكثر من ساعتين غنى خليفة (بوليس الاشارة) و(ريتا) و(الليلة بدي خللي الكاس) و(منتصب القامة امشي) و(يا بحرية) و(بغيبتك نزل الشتي) و(يا معاول الدنيا الفقيرة يا نسور).
ووسط تصفيق ألوف لم يتسع المسرح لبعضهم فاتخذوا التلال القريبة والسطوح مكانا للمشاركة قدم خليفة أغنية (جواز السفر) قائلا “في كل هذه الهمروجة (الضجة) الموجودة حولينا يجب ان لا ننسى فلسطين وكل قلوب الناس جنسيتي فلتسقطوا عني جواز السفر.”
وأبدع نجله رامي على البيانو في هذه الاغنية حيث قدم صولات وجولات من العزف قبل ان يعود خليفة لتقديم الاغنية نفسها.
كما قدم اغنية من كلمات الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش تحية إلى روح الزعيم الدرزي الراحل كمال جنبلاط والد وليد جنبلاط يقول مطلعها “وأنت تعد فطورك-فكر بغيرك لا تنس قوت الحمام. وأنت تخوض حروبك-فكر بغيرك لا تنس طلب السلام. وأنت تعود إلى بيتك-فكر بغيرك لا تنس شعب الخيام”.
كما قرأ (قصيدة حب) من كلمات الشاعر محمد العبد الله على وقع نغمات البيانو.
وقال خليفة لرويترز إن “استمرارية هذا المهرجان أنه يوجد إرادة للحياة وللمتابعة وطالما نحن ما نزال نقول الاغنية والموسيقى هذا معناه انه يوجد أمل ما في مكان ما”.
وأضاف “عندما بدأنا كان الوضع صعب جدا. كانت الحرب بلبنان كما هي اليوم في الجوار.. قد تكون الموسيقى او الابداع والجمال والخيال يشكلون عاملا لخروج الانسان من هذه الوحشية التي نعيش فيها”.
وقالت مديرة المهرجانات نورا جنبلاط “برغم كل الازمات التي نعيشها محليا ورغم كل التحولات والمتغيرات في المنطقة المحيطة بنا من بشاعات تستهدف غنى الحضارات الانسانية والتراث وغيرها من الضروري ان يكون هناك مجال لثقافة الحياة والبناء ونحن اعتمدناها منذ ثلاثين عاما وما نزال مستمرين.”
ورغم مشاركة خليفة أكثر من خمس مرات في مهرجانات بيت الدين خلال ثلاثين عاما فإن حفلة الليلة الماضية كانت مع فرقة الميادين التي بدأ معها مشواره بعد أن انضم إليها ولداه بشار ورامي.
وانطلقت مهرجانات الصيف الفنية اللبنانية هذا العام وسط مخاوف أمنية وقلق سياسي وأزمات حكومية كان آخرها أزمة القمامة.
وافتتحت مهرجانات بيت الدين أنشطتها يوم 29 تموز (يوليو) بأمسية أوبرالية أحياها التينور العالمي خوان دييجو فلوريس وهو من بيرو بمشاركة أوركسترا بودابست السيمفوني والسوبرانو لبنانية الاصل الكندية الجنسية جويس الخوري.
وكان جمهور موسيقى الروك على موعد مع المغني البريطاني ديفيد جراي في الأول من الشهر الحالي. ويستضيف قصر بيت الدين الأثري غدا أمسية كلاسيكية للمؤلف الأرميني تيجران منسوريان الذي برع في موسيقى الافلام مع الاوركسترا الوطنية الفلهارمونية الارمينية.
وفي 12 من الشهر الحالي، سيكون محبو الجاز على موعد مع البريطانية ريبيكا فيرجسون التي ستقدم أجمل أعمال أسطورة الجاز الاميركية بيلي هوليداي (1915-1959).
وككل عام يحيي الفنان العراقي كاظم الساهر حفلتين يومي 14 و15، كما يقدم المخرج اللبناني هشام جابر مسرحيته الغنائية (أم فاروق) يومي 20 و21 محاكيا موسيقى مسارح وملاهي بيروت منذ الثلاثينات حتى قبيل اندلاع الحرب الأهلية.
وسيكون اللبنانيون على موعد مع صوت السوبرانوا الروسية آنا نيتريبكو يوم 27. أما المطربة المصرية آمال ماهر التي اشتهرت بأداء أغاني أم كلثوم فتختتم المهرجان في اليوم الأخير من الشهر الحالي