ولعل ما يجب أن يفهمه العرب والمسلمون أيضاً وفي كل مكان أن هذه الخطوة الخطيرة جداً التي أقدم عليها نتنياهو تأتي في إطار خطط «تهويد» المدينة المقدسة وتحدياًّ لذلك القرار الذي اتخذته منظمة الـ «يونيسكو» قبل أيام قليلة والذي نصَّ على أنه لا علاقة لليهود والإسرائيليين بالمسجد الأقصى وقبة الصخرة وحائط البراق (الحائط الغربي) وباب المغاربة وما حولهما وإنها مقدسات إسلامية خالصة.والمشكلة هنا أنه إذا مرَّ هذا الإجراء فإنه سيشجع الإسرائيليين على التمادي في عمليات الهيمنة والتهويد وتحدي القرارات الدولية وآخرها قرار منظمة الـ «يونيسكو» هذا المشار إليه آنفاً مما يستدعي استنفاراً عربياًّ وإسلاميا شاملاً وعدم ترك الفلسطينيين يواجهون هذا التحدي الذي هو من أخطر التحديات وحدهم، فالقدس كما هي عربية هي إسلامية ومسيحية أيضاً وعلى اعتبار أن ما سيصيب المقدسات الإسلامية سيصيب المقدسات المسيحية لاحقاً مما يعني أنه غير مستبعد أن ينتقل الإسرائيليون من مآذن المسجد الأقصى، إنْ هم نجحوا، إلى أجراس كنيسة القيامة التي لا تبعد أبوابها عن أبواب مسجد عمر بن الخطاب الا بنحو أربعة أمتار فقط.

وهنا يجب أن يأخذ أشقاؤنا المسيحيون، إخوتنا في العروبة، في الإعتبار أن من يتغدى بأخيك سوف يحاول أن يتعشى بك لا محالة وأن من لا يعترف بأن عيسى بن مريم هو المسيح «المنتظر» من غير المستبعد بل المؤكد أنه إذا حقق كل ما يريده بالنسبة للمقدسات الإسلامية في هذه المدينة المقدسة فإنه لن يتردد في منع رنين أجراس كنيسة القيامة إنْ توفرت الظروف الدولية لمثل هذا المنع.. وقد تصل الأمور، إن لم يوضع حدٌّ لهذه العربدة الإسرائيلية وبسرعة، إلى إدعاء عتاة التطرف اليهودي بامتلاك الأرض التي تقوم عليها الكنيسة المقدسة كادعائهم بامتلاك جدار البراق وجبل الصخرة المشرفة .

يجب ألا تمر هذه الخطوة الخطيرة جداًّ التي أقدم عليها بنيامين نتنياهو مستغلاً أن رجُلاً، أعطى إنطباعاً خلال المعركة الإنتخابية بأنه معاديٌ للإسلام والمسلمين، سوف ينتقل بعد نحو شهرين إلى البيت الأبيض ويحتل كرسي الرئاسة في الولايات المتحدة ومستغلاً أيضاً هذه الظروف الطارئة التي تعصف بالمنطقة العربية ولهذا فيجب أنْ تكون هناك وقفة فعلية وجادة للعرب كلهم.. كلهم بدون استثناء المسلمون منهم والمسيحيون ويجب أيضاً ألا تكتفي الدول الإسلامية بمجرد إصدار بيانات رفع العتب فالتحدي خطير جداًّ ويقيناً أنه إذا تمكن الإسرائيليون من «إخراس» مآذن القدس فإنهم سيلجأون حتماً إلى خطوات تصعيدية جديدة وإنهم سيحاولون، ولو بعد مئة عام، إخراس أجراس كنيسة القيامة فالخطر يهدد الجميع ومجرد الإستنكارات الباهتة الفارغة سيشجع الإسرائيليين على المضي في هذه السياسات الخطيرة .