عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

قصة قديمة تتجدد ..

اعادتني نتائج انتخاباتنا النيابية الاخيرة، الى مقال كتبته ربما قبل اربعين عاما في العزيزة «الرأي» بعنوان: خانوه. على ما اذكر خلاصته ان قادة اي مجتمع بغض النظر عن زعامات الاحزاب الحاكمة او المعارضة انما هم مثقفو الشعب ومتعلموه: الاطباء، والمهندسون، والمعلمون في الجامعات والمعاهد والمدارس، والصيادلة، والحقوقيون، وقادة الجيش والأمن في التقاعد والكُتّاب والصحفيون.

هؤلاء القادة الحقيقيون لشعوبهم، كل في حقله العلمي والعملي. لكنني في ذاك المقال وصلت الى قناعة ان سبب عجزنا وتخلّفنا ليس قلة هؤلاء القادة، وانما انصرافهم الى مصالحهم الخاصة، والى جمع المال. وهنا وجدت ان الخطر المريع هو تماسك هؤلاء حفاظاً على مصالحهم، مما يجعلهم قوة معادية للشعب.. منفصلة عنه في مصالحها، رغم قدرتهم الدعوية في الترويج «للروح الوطنية»، و»التيار القومي» و»الوطنية» الاقليمية.

لقد كان حكماء عرب يقولون:.. هذا طبيعي الى حد ما ذلك ان هؤلاء خرجوا من بيئة الاكثرية الفقيرة المعدمة، وبالكدح والتضحية الابوية وصل هؤلاء الى جامعات العرب واوروبا واميركا، قبل ان تقوم جامعاتنا، ومن الطبيعي ان يكون حلم الواحد منهم: بيتاً، وسيارة، وزوجة مثقفة، ثم ابناء يذهبون الى مدارس خاصة تهتم باللغات الاجنبية، ثم الى ارفع جامعات العالم، وهذا كله يحتاج الى المال.. والمزيد من المال.

وهكذا نسمع ان هناك اطباء ومهندسين ومحامين واطباء اسنان، واقتصاديين يربحون يومياً وفي عمان ذاتها اكثر من ثلاثة آلاف دينار يومياً، وهناك مدراء بنوك، وبعض الوظائف الحكومية، والشركات، يكسب الواحد منهم شهرياً عشرين الف دينار.. ويدفع ضرائب اقل من اصحاب الدخول المتوسطة.

كنت مرة في زيارة–دعوة للسويد، وصادف ان رئيس وزراء–اول رئيس وزراء فرنسي اشتراكي–بعد الجمهورية الخامسة، وحضرت المؤتمر الصحفي الذي عقده مع الرئيس الاشتراكي اولاف بالمي، الذي اغتيل وهو في طريقه لدخول دار للسينما مع زوجته.

وقتها كنت اسأل بعد المؤتمر زميلي السويدي: قل لي هل تحددون دخل الاطباء مثلا كما الاتحاد السوفياتي؟ قال: لا نحن نترك الكاسب على حريته، لكنه سيجد نفسه لا يكسب كثيرا حين يدفع ضريبة الدخل، فنحن لا نقمع اصحاب «الطموح» المالي في تحديد رواتبهم، وإنما نجعلهم يدفعون ضريبة الدخل المتصاعدة، فيجد في النهاية القريبة ان الافضل تقليل «طموحه المالي» فالدولة هي التي علمته، وهي التي تقدم له المسكن في المدينة والاخر على البحر للاستمتاع بالشمس في اجازته لان الشمس عزيزة في تلك البلاد.

عندنا دعوت المستشفيات الخاصة الى عدم اخفاء أجور الاطباء اصحاب عيادات الاختصاص عن ضريبة الدخل، او المكاتب الاستشارية الهندسية، اوالشركات القانونية، وفوجئت بالردود القاسية على مقترحاتي البسيطة، كما طلبت مرّة تدفيع الاردنيين العاملين في السعودية والخليج ضريبة دخل مدروسة، فمن غير المعقول ان تكون مساهمة المغترب مقتصرة على رسم جواز السفر البالغ ديناراً واحداً، وإذا استثمر في بلده فإنه يبني بيتاً باذخاً يكلف الدولة اكثر مما يفيدها: المال والطريق والمدرسة والجامعة، وكل ما تقدمه المدينة والدولة لابنائها.

وقتها كنت أشعر بالاحباط لردود الفعل المعادية لما قلته، فاتهمت قادة الشعوب العربية الذين فصلوا انفسهم عنها، انهم: خانوها.