0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

الزقزقة والنقيق!

كان الروس يقولون: إنّ زقزقة العصفور لا تصنع ربيعاً. ونتفق مع الروس، فالعودة الى الشارع بحجة المناهج في كتب وزارة التربية، أو بحجة شراء الغاز الاسرائيلي او الاميركي لن يصنع «ربيعاً أردنياً» بعد سبعة آلاف مظاهرة واعتصام، وفشل الربيعين في الحصول على «شهيد» واحد او على قطرة دم واحدة في شوارع المدن والقرى والمضارب والمخيمات الاردنية.

الجميع اكتشف ان ملء الشارع بالشعارات والهتافات والتظاهرات لن يغير شيئا في الاردن، لانه لا حاضنة للمتاجرة بالدين، او بفلسطين، او بالخبز والحرية.. ولان الشعب الاردني له معتقداته الراسخة، ورؤيته الواضحة لمسيرة الاصلاح والحياة والنماء.

في جيلنا كانت الضفة الشرقية ثلاثة ارباع المليون، وكنا نسمي المشفى «الاسبيطار» والصيدلية «فرمشيه» لانه لم يكن لدينا الا مستشفى ايطالي واحد في عمان.

والمستشفى بالايطالية هو: شبيتال، والصيدلية هي الفرمشيه. وفي جيلنا كانت موازنة الدولة عام 1960 فقط ثلاثين مليون دينار.. وكنا بلا جامعة! وكانت السيارات في الشتاء تغرّز في طين النعاجية من مادبا او الكرك لعمان.

لان طريقها لم يعرف الاسفلت.. وكانت رحلة الباص من اربد الى عمان تستغرق ثلاثة ارباع النهار، ولم يكن سكان العقبة يزيدون عن 500 ساكن، وان بنزين وسولار سياراتنا كان يأتي من لبنان.

الان يعرف الاردنيون ان بلدهم موجود على خارطة المنطقة والعالم، وان ضيف الصناعيين الالمان في احتفالهم السنوي هو: ملكة الاردن، وان ملك الاردن سيُعطي في ماينز ارفع تكريم لبطل من ابطال السلام.

لم يكن التطور المذهل الذي اجتاح الاردن من صنع رواد الشوارع، والتظاهرات، والتحريض على حرق كتب المدارس، وإنما كان نتيجة الكدح، والعرق، والشقاء، وتتويج قيادة هاشمية تؤمن بالشعب والمستقبل.

حين اجتاحت الفوضى الاردن بعد هزيمة حزيران، واجتياح ثلاثة الوية دبابات سورية حدود الاردن الشمالية لم يأت احد ليقاتل دفاعا عن النظام والملك: لا روس ولا اميركان ولا ايرانيين ولا افغان، وقد وقفنا وحدنا في وجه الفوضى، وفي وجه الغزاة، ودحرنا الجميع.

لأن الجيش الاردني هو جيش الشعب وليس جيش النظام, ولأنه حين يقاتل يقاتل دفاعاً عن وطن وليس عن نظام.

على عصافير الشوارع أن يفهموا أنهم بزقزقتهم لا يصنعون ربيعاً.. لا الربيع العربي ولا الربيع الطبيعي. ولعلهم لم يدركوا بعد أنهم لا يزقزقون.. فقد تحولت الزقزقة الى نقيق ضفادع.