برنامج إصلاح اقتصادي متواضع
المفروض ببرنامج إصلاح اقتصادي ُيغطي عدة سنوات قادمة بإشراف مؤسسة دولية كبرى أن يكون طموحاً، وأن يطرح أهدافاً كبيرة حتى لو لم يتحقق سوى نسبة منها. لكن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي اقترحه أو وافق عليه صندوق النقد الدولي مؤخراً، كان متواضعاً لدرجة أن تحقيق أهدافه لا يعتبر إنجازاً.
حسب البرنامج فإن النمو الاقتصادي سوف يظل تحت مستوى 4% خلال السنوات الأربع القادمة، وهو يبدأ هذه السنة بنسبة 8ر2%. وحتى هذه النسبة المتدنية أصبح من المشكوك فيه تحقيقها، لأن التوقعات المتداولة تضع النمو الحقيقي هذه السنة عند 3ر2% فقط.
تواضع معدلات النمو التي يصاحبها انخفاض معدل التضخم لدرجة سالبة يجعل نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية محدوداً للغاية، وهذا لا ينسجم مع استهداف تخفيض نسبة إجمالي الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في كل سنة اعتباراً من هذه السنة وصولاً إلى 2ر77% بعد خمس سنوات.
يتحدث البرنامج عن انخفاض متسارع في عجز الموازنة يبدأ بحوالي 918 مليون دينار هذه السنة، وينخفض إلى 170 مليون دينار فقط في 2019 ، وليس معروفاً ما إذا كان هذا الحديث يخص عجز الموازنة المركزية فقط أم عجز الموازنة العامة الشاملة للمؤسسات الحكومية المستقلة.
تحسن الحكومة الأردنية صنعاً إذا اعتبرت التوقعات والأهداف الواردة في برنامج الصندوق بمثابة سيناريو أسوأ الاحتمالات ، وأن تبحث عن أحسن الاحتمالات بجهود خاصة زيادة على ما يرد في البرنامج ويطالب به الصندوق.
استهداف معدلات نمو أعلى مما يتوقع الصندوق يتطلب التركيز على عناصر ومصادر النمو الاقتصادي ، وفي المقدمة: الصادرات الوطنية ، الإنتاج الصناعي ، المنح الخارجية ، حوالات المغتربين ، المقبوضات السياحية ، تدفقات الاستثمارات العربية والأجنبية ، تحسين معدل الإنتاجية.
في سبيل تحقيق النمو الاقتصادي ، لا يجوز الوقوف عند بعض التابوهات والخطوط الحمراء المزعومة ، فقد يكون من المناسب التدخل باستثمارات الأردنيين في الخارج ، كثافة السياحة الأردنية إلى الخارج ، انخفاض نسبة التضخم ، سعر الصرف الثابت ، وما شابه.
يستحق النمو الاقتصادي أولوية عليا من حيث أنه الشرط اللازم لحل قضايا عديدة فلا يمكن علاج البطالة والفقر مثلاً بإجراءات معزولة من غير نمو اقتصادي يولد الدخل وفرص العمل.