الحكومة والاستمرارية
في اول لقاء صحفي مع الرئيس الملقي، بعد يوم واحد من تسلمه المسؤولية، اثارنا ان «غداء الكلام» لا تلفزيون فيه، وان الجو كان عائلياً الى حد بعيد. وان الحديث كان بساطاً احمدياً.
وقتها سمحت لنفسي أن احذر من الكلام عن «حكومة انتقالية» بين حل مجلس النواب، وانتخاب مجلس جديد. فأربعة اشهر من عمر وزارة ليست شيئاً يقبله جلالة الملك، ثم ان الدستور بحاجة الى تعديل: فلا معنى لاستقالة حكومة د. النسور التي تم حل المجلس في عهدها، طالما ان العلاقة بين مجلس النواب والحكومةلا تستدعي الحل، وطالما ان الحكومة لا تجري انتخابات المجلس القادم. فهناك هيئة مهمتها ادارة الانتخابات والاشراف عليها. ولذلك فاستقالة الحكومة التي جرت الانتخابات في عهدها تنطبق عليها هذه القاعدة.
ونقول: لقد اثبت الرئيس الملقي في فترة الاشهر الاربعة انه قادر على ملء كرسي رئاسة الوزراء، وان وزراءه كرموا مواقعهم، وان تغييرا كبيرا في الاسماء والوزارات لن يحدث فان قيادة الملك عبدالله ترسي قاعدة التراكمية، والاستقرار في قيادات الادارة.. وهي جزء من حالة الاستقرار والثبات في بلدنا.
الذين احترفوا التشكي، و»النق» واثارة العواصف في فناجين قهوتهم، ومجالسهم المخملية. سيستمرون في ممارسة حرفتهم، فهذه عواصف ومجالس كانت دائما جزءا من الحالة العامة. منذ تأسيس الدولة الاردنية. واكثر هؤلاء المحترفين كانوا رؤساء وزارات، ووزراء، واعيان ونواب.. وهم طبعاً لا يرفضون العودة الى «حكومات الفساد والسرقة والرشوة وعمالة الاستعمار» في اي وقت يدق فيه التلفون اياه.
وهؤلاء ليس من المهم تأييدهم للحكومة او معارضتها. لكن ظروف «الربيع العربي» اطلعت فريقا آخر غير فريق محترفي التشكي و»النق»، هو فريق التواصل الاجتماعي على الانترنت واسلحة هؤلاء هي ذاتها اسلحة الفوضى التي تقود الى التطرف والارهاب، ووسيلتها الدين ومذهبياته، وكتبه القديمة. وادامتها المال السحت الذي يخرّب وطننا العربي بدل اعماره وبناء قوته.
علينا ان نعترف ان التواصل الاجتماعي عبر الشبكة، وجماعة الربيع العربي، كان مؤثرا كل التأثير على أجهزة الاعلام التقليدية التي تصنع اخبارا على طريقة اخبار عام 1960 بالصوت والصورة.
وعلينا ان نعترف ان رصيد الدولة في مواجهة بقايا الربيع العربي، هو وعي المواطن، وتماسكه الوطني، وثقته بنظامه السياسي وقيادته.
نواجه بقوانا الذاتية: وعي المواطن، والمؤسسات التي تخلقها حركة الاصلاح التي يقودها عبدالله الثاني بكل شجاعة وذكاء. وليس على حكومة د. الملقي الجديدة سوى السير في طريقها الممهد بالتجربة الفذة، التي ابقت بلدنا خارج اطار الدمار، والفوضى والدم والاحقاد التي تحيط بنا. والحكومات تأتي وتذهب أما الشعب فباقٍ.