0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

أمريكـا وحـوار الاخـوان

تتصادم في عمان الآن وجهتا نظر لكل منهما سند اجرائي على الأرض السياسية , الوجهة الاولى تقول ان جماعة الاخوان قد استعادت وجهتها الشارعية بخصومتها مع امريكا واحراق اعلامها في الشوارع جهارا نهارا في خطوة تستجذب من خلالها حماس الشباب وتسترد بعض عافيتها الشعبية المتناقصة منذ الربيع العربي , فيما ترى وجهة نظر ثانية ان حرق الاعلام مجرد رسالة داخلية لتحقيق توازن مع الشعبية المتراجعة في حين ان ثمة حوارا عميقا مع امريكا تجلى في حديث الشيخ جميل ابو بكر قبل اسبوع في صحيفة السبيل والذي قال فيه “ العواصم الغربية ادركت ان لا سبيل سوى الحوار مع الاخوان وفتح التواصل معهم “ وترافق ذلك مع نص حديث حساس جرى بين وفد امريكي ومسؤول اردني رفيع مفاده رفض طلب امريكي لفتح حوار استرضائي مع جماعة الاخوان وحزبها .

المقصود في حديث الشيخ جميل العاصمة الامريكية على وجه الحصر فالعواصم الاخرى على حوار مع الجماعة الاخوانية والحزب منذ امد طويل , والباب الموصد غربيا هو الباب الامريكي حسب تصريحات الاخوان والحزب منذ العام 2003 رغم بعض التسريبات التي تقول غير ذلك واخرها تسريبات ويكليكس عن لقاء القياديين في الحزب والجماعة ارحيل الغرايبة ونبيل الكوفحي مع اركان السفارة وموفد من وزارة الخارجية الامريكية في احد المراكز البحثية .

ثنائية اللغة في السياسة وازدواجيتها ليست حكرا على الجماعة والحزب بل هي سمة سياسية تبدّت في الربيع العربي بأرقى اشكالها , مع استثناء يلامس الحصرية للجماعة والحزب على وجه الخصوص , فكل التيارات السياسية والحكومات الرسمية تستحلب الود الامريكي وتتمناه والمعارضون يركضون نحو الحواجز على ابواب السفارات الامريكية قبل الجهات الرسمية , ويشكون الحكومات للعم سام الحنون وينتظرون تقرير العمة في وزارة الخارجية عن الحريات على احر من الجمر.

الحكومات طوابقها مكشوفة ولقاءاتها معلنة وتحت الكاميرات في ثلثي اللقاء في حين ان التيارات السياسية المعارضة تلقاهم سرّا والويل لمن يكشف اللقاء , وان حدث انكشاف فالمبرر موجود والفتوى جاهزة , ناهيك عن الفروق في الحوارات وسقف الكلام الموجع الذي تسمعه الوفود الامريكية من الاسلاميين كما يقولون , على عكس الرسميين الذين يرتمون في حضن الوفود !!

منظر العداء لامريكا منظر مريح للقلب وحرق اعلامها يُنتج رائحة تفوق العطر بالنسبة لمن ينتمي لمدرسة اللجوء ويزداد الحال سرورا لمن ينتمي للفكر اليساري , والضغط على السياسي الامريكي من خلال شارعه الذي يدفع ثمن خطايا سياسة يمكن ان يُحدث الفرق في المستقبل وهذا مطلوب جدا , وتنامي روح العداء لامريكا معروف وليس عبثيا , فهي تدعم كل اعداء الحرية والديمقراطية وتنصر الاحتلال وتقتل احلام الشعوب بالحرية والاستقلال وتحديدا الشعب الفلسطيني , والرد عليها بالوسائل المتاحة سلميا رد مطلوب ويخدم الرؤيا القومية والاسلامية , ولكن دون مواربة او اختلال في القيمة العليا لمظاهر العداء والغضب , فالحرق علنا والحوار والاستقواء بهم سرا يخدم الرؤيا الامريكية ولا يخدم مصالحنا الوطنية والقومية , والعبث بقلوب الناس والشباب عبث يدفعهم نحو الكفر القومي والوطني كما حدث مع شوارع عربية وخاصة مصر وتونس .

ليس المطلوب الانكفاء على الذات وعدم الحوار مع الغرب ولكن المطلوب الاعلان وعدم العبث بالوجدان والعواطف حتى لا يقع الناس تحت صدمة تحرفهم نحو العنف ونحو اليأس من كل شيء وبعدها لن نجد الا الضياع والهوام في الحياة العامة والتهويم في الانتماء للاوطان والافكار .

omarkallab@yahoo.com