معنى تظاهرة صناديق الإقتراع
لا نقاش في أنَّ إجراء الإنتخابات «البرلمانية» ورغم هذه الظروف الصعبة ضروري جداًّ لإغناء وتعزيز المسيرة الديموقراطية التي لا تشكك بها إلاّ تلك المجموعة «الموتورة» المعروفة التي تعتبر أن الولاء أولاً وأخيراً لمرشدها العام وتنظيمها العالمي لكنَّ ما يجب أخذه بعين الإعتبار هو أن هذا : «العرس الوطني» الذي نحن مقبلون عليه، بالإضافة إلى بعده الداخلي يعتبر بالنسبة للذين يراقبون من الخارج وعن بُعدْ دليلاً على أن هذا البلد، المملكة الأردنية الهاشمية.. ينعم بإستقرار فعلي، وبخاصة على الصعيد الأمني، يعزز لديه «ترف» الذهاب إلى صناديق الإقتراع بينما تغرق هذه المنطقة الشرق أوسطية بالدماء وغدت ساحة للتذابح والتدمير ومستودعاً كبيراً يقذف بالهاربين من أوطانهم إلى كل أرجاء الكرة الأرضية .
حتى قبل أنْ تترع صفحات الجرائد بعناوين القوائم المتنافسة وبأسماء الذين سيخوضون هذه المعركة الديموقراطية، التي هي إحدى المحطات الرئيسية في مسيرة طويلة لم تبدأ في عام 1989، كما يعتقد البعض وكما يروج البعض الآخر، بل في عام 1956، كان هناك، حتى من بعض الذين يعتبرون أنفسهم من أثافي القدر الاردني، من يراهن على أن هذا العرس الديموقراطي لن يكون ولن يتم وأنه سيتم تأجيل الإنتخابات والإحتفاظ بصناديق الإقتراع في «المستودعات» المقفلة إلى أنْ تهدأ عواصف هذه المنطقة وإلى أن يأتي الله بما لا تعلمون .
وهكذا فربما أنَّ بعضنا لم يدرك معنى وأبعاد كل هذا الضغط الأمني بإسم «داعش» وغير «داعش»، الذي تعرض له بلدنا، المملكة الأردنية الهاشمية ، في الفترة الأخيرة وحيث أنَّ الذين أوصلوا دولاً عربية إلى كل هذه المآسي التي وصلت إليها حاولوا قطع الطريق على هذه التظاهرة الديموقراطية التي هي أكبر دليل على أنه كما تزرع تحْصد وأنَّ من يزرع أشواكاً وعوسجاً لا يمكن أن يحصد إلى أشواكاً وعوسجاً وأن من يزرع وروداً ورياحين سيحصد حتماً وروداً ورياحين.. وهذه هي تجارب التاريخ متوفرة لكل من يريد الإطلاع عليها والإستفادة منها .
عندما بدأت عواصف :»الربيع العربي» تضرب هذه المنطقة بدأ الذين إعتقدوا بأن لحظتهم التاريخية قد حانت :»بتمسيد لحاهم» وحاولوا إقحام بلدنا في العنف وفي الفوضى .. ولكنَّ، وهذا يجب أن يقال ويجب أن يُدَون في كتب التاريخ حتى تعرف أجيالنا الصاعدة حقائق الأمور، تصرُّف القيادة الحكيمة بالحكمة التي تصرفت بها قد أحبط مخططات هؤلاء وأبقى كيدهم في نحورهم فسارت الأمور :»برداً وسلاماً» وها نحن نحصد الآن ما زرعنا وها هو الشعب الأردني الذي أثبت لياقة سياسية بمستويات راقية يجد أن لديه «ترف» الذهاب إلى «تظاهرة» صناديق الإقتراع بينما من يقفون وراء كل هذا العنف الذي يضرب المنطقة يحاولون الإقتراب من ثغورنا التي يرابط عليها أبطال الجيش العربي الذين لكل واحد منهم ألف قبلة على جبينه من كل أردني.
الآن يحصد الأردنيون ما زرعوا وما زرعت قيادتهم وهنا فإننا نتمنى لو أن الذين أغرقوا شعوبهم وبلدانهم بالدماء والعنف والفوضى تعاملوا مع «الربيع العربي» بالطريقة التي تعاملت بها القيادة الأردنية مع هذا الربيع، الذي حاول الذين بادروا إلى «تمسيد لحاهم» ظناً منهم أن لحظتهم التاريخية قد حانت، تحويله إلى زمهرير وعواصف، ويقيناً أنهم لو فعلوا ذلك لكانت الآن مآتم شعوبهم أعراساً كهذا العرس الأردني الذي عنوانه صناديق الإقتراع .