ديمقراطية بدون ديمقراطيين
يقال أن الديمقراطية هي أسوأ نظام حكم عرفته البشرية باستثناء جميع الأنظمة الأخرى!.
لا خلاف إذن على أن الديمقراطية هي الأفضل بين جميع أنظمة الحكم ، وقد توصل العالم إلى الديمقراطية بعد تجارب مريرة دفعت الشعوب ثمنها من دمائها.
من هنا يجوز الإدعاء بأن الديمقراطية تمثل نهاية التاريخ ، فلا يبقى بعد الديمقراطية سوى المزيد منها.
لكن أكثر مدعي الديمقراطية في بلادنا ليسوا للاسف ديمقراطيين ، وفي مؤخرة رأس كل منهم دكتاتور مستبد إذا أتيحت له الفرصة. فالديمقراطية بالنسبة لهؤلاء مجرد شعار ، هدفه الوصول إلى السلطة ومن ثم نهاية الديمقراطية ، التي تكون قد استنفدت أغراضها في نظرهم.
جماعات دينية اعترفت بأنها تؤيد الديمقراطية وصناديق الاقتراع لكي تفوز فيها ، وستكون آخر انتخابات يشهدها البلد!.
الديمقراطية ليست مجرد نظام يمكن تلخيص مكوناته وشروطه على الورق بل أسلوب حياة. والديمقراطية مستحيلة بدون ديمقراطيين حقيقيين ، يقبلون الديمقراطية ليس لأنفسهم فقط بل لخصومهم أيضاً.
السعي للديمقراطية يجب أن يكون ديمقراطياًً ، وإذا كان قتل 290 ألف سوري من أجل الديمقراطية ، فلا كانت الديمقراطية.
وإذا كان ملايين من الشعب السوري أصبحوا نازحين أو لاجئين في المخيمات ، يقابلون بالكراهية والاحتقار في شوارع أوروبا ، أو غرقى في البحر الأبيض المتوسط من أجل الديمقراطية فلا كانت الديمقراطية. الذبح والتدمير يأتيان من أجل السلطة.
جاء الربيع العربي تحت شعار الديمقراطية على يد جهات أبعد ما تكون عن الديمقراطية. فلا عجب إذا حصلنا على الدمار بدلاً من الديمقراطية.
لنأخذ سوريا مثالاً حياً ، فهي بلد لا يدّعي أحد أنه ديمقراطي ، (أين هي الأنظمة العربية الديمقراطية) ولكنه بلد تعددي ، وحكم مدني ، وشعب مزدهر ، ودولة مكتفية ذاتياً وغير مديونة ، بل إن سوريا استطاعت إعطاء الشعب السوري تأميناً صحياً شاملاً ، فماذا يستطيع الإرهابيون باسم الديمقراطية أن يقدموا للشعب السوري غير الموت والدمار.
يراد لنا أن نرى الديمقراطية في وجوه الوحوش الإرهاببين الذين يقطعون الرؤوس ويسبون النساء ويظنون أن تطاير أشلائهم وأشلاء ضحاياهم هي الطريق إلى مرضاة الهية ودخول الجنة!.
من عجب أن البعض يستعمل اصطلاحات ديمقراطية عندما يصف عصابات الإرهاب والإجرام القادمة من 80 بلداً بأنهم يمثلون المعارضة السورية ويستهدفون الديمقراطية.