كيف وصل منفذ إطلاق النار في واشنطن من أفغانستان؟
وكالة الناس – تشهد الولايات المتحدة نقاشا واسعا بعد الكشف عن هوية المشتبه به في حادثة إطلاق النار على عنصرين من الحرس الوطني الأميركي في العاصمة واشنطن، حيث اتضح أنه رحمن الله لكنوال، وهو لاجئ أفغاني وصل إلى الولايات المتحدة في إطار برنامج “أهلا بالحلفاء”، وكان قد عمل سابقا مع قوات خاصة تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية “سي آي إيه” (CIA) خلال الحرب في أفغانستان.
وُلد رحمن الله لكنوال، عام 1996 في ولاية خوست شرقي أفغانستان، لكنه لم يكمل دراسته، حيث ترك المدرسة في صف العاشر، وحسب زملائه كان مولعا بالرياضة وخاصة لعبة الكركيت، وبدأ العمل مع القوات الأفغانية عام 2012، وكان عمره آنذاك 16 سنة.
وتدرج في وحدته داخل القوات الأفغانية التابعة للمخابرات الأميركية من رتبة جندي إلى منصب قائد الفريق، ثم نقل إلى الوحدة التي تعمل في مجال تحديد المواقع “جي بي إس” (GPS) وكانت مهمته تعقب قادة ومقاتلي حركة طالبان في الولايات الجنوبية.
وبعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، توجه لكنوال مع زملائه إلى مطار كابل الدولي، حيث ساعدته القوات الأميركية التي قامت بإخلاء الأفغان الذين عملوا مع الولايات المتحدة في أفغانستان، واستقل آخر طائرة عسكرية أقلعت من مطار كابل صباح يوم 31 أغسطس/آب 2021 إلى الولايات المتحدة.
استقر مع زوجته و5 من أولاده في مدينة بيليغهام بولاية واشنطن، وحصل على حق اللجوء بحكم عمله مع المخابرات الأميركية في أفغانستان، وحصل على البطاقة الخضراء في أبريل/نيسان من العام الجاري.
متعاون سابق بعد وصول أولى القوات العسكرية والاستخباراتية الأميركية إلى أفغانستان، شكلت الولايات المتحدة عام 2002 خمس وحدات خاصة في أفغانستان، عرفت باسم “فرق مطاردة مكافحة الإرهاب”، وكانت تحت السيطرة الأميركية الكاملة حتى عام 2012.
ويقول مسؤول أمني سابق -فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت إن “هذه القوات عملت خارج إطار الهيكل الأمني الأفغاني الرسمي، وبدعم وتدريب ومعدات ومعلومات استخباراتية عملياتية من وكالة المخابرات المركزية الأميركية، وفي بعض الحالات رافقتها القوات الأميركية أيضا في الميدان أو قدمت لها الدعم الجوي، حيث لم يكن للحكومة الأفغانية أي دور أو رقابة على عمل هذه الوحدات”.
وشُكِّلت أول وحدة من القوات الخاصة في ولاية خوست شرق أفغانستان، المعروفة باسم قوة حماية خوست (KPF) لاحقا، كما أنشأت وكالة المخابرات المركزية الأميركية 3 وحدات أخرى، وهي:
الوحدة 01: التي عملت في ولايات كابل ولوغر ووردك وسط أفغانستان.
الوحدة 02: تمركزت في جلال آباد، وكانت تقوم بعمليات عسكرية في ولايات شرقية.
الوحدة 03: وتمركزت في قندهار، وقاتلت حركة طالبان في الولايات الجنوبية.
وجنّدت المخابرات الأميركية في البداية أفرادا من المليشيات المناهضة لطالبان، للمساعدة في جمع المعلومات الاستخبارية وتنفيذ مهام سرية ضدهم، ومع مرور الوقت، تطورت هذه الوحدات لتصبح قوة ضاربة نخبوية، وتلقّت أوامر مباشرة من وكالة المخابرات المركزية الأميركية، خارج نطاق التسلسل الهرمي للجيش والمخابرات الأفغانية.
كما دُرّبت وجهزت عناصر هذه الوحدات الخاصة من قِبل وكالة المخابرات المركزية الأميركية، ونفذت عملياتها العسكرية بناء على معلومات استخباراتية وأوامر صادرة عن قيادة وكالة المخابرات المركزية في أفغانستان.
ويقول المسؤول الأمني، للجزيرة نت، إن “الحكومة الأفغانية لم تكن تعرف عدد هذه القوات ولا مهامها ولا الميزانية المخصصة لها، وكانت من القوات المقربة للمخابرات الأميركية، وكانت متورطة في قتل وخطف واعتقال الناس”.
كما أكد المسؤول أن رحمن الله كان عضوا في وحدة 03، التي كانت تعمل في قندهار جنوبي أفغانستان.
بين الخوف واللامبالاة بدت ردود الفعل بين الأفغان متباينة حول ما قام به لنكوال، وعكست مزيجا من القلق والصدمة واللامبالاة، فبالنسبة للاجئين الأفغان في الولايات المتحدة وأوروبا، فقد أثار الحادث خوفا من الوصم الجماعي، إذ حذّرت منظمات الدفاع عن حقوق اللاجئين من أن “فعل فرد واحد قد ينعكس على مصير آلاف الذين ينتظرون إعادة التوطين”، مؤكدين ضرورة التمييز بين شخص واحد وجالية بأكملها.
كما بدا الحادث مصدر صدمة وحرج بين أولئك الذين عاشوا الحرب في أفغانستان، خاصة مع معرفة أن المتهم كان عنصرا من وحدات خاصة مدعومة من وكالة الاستخبارات الأميركية، مما أعاد التساؤل عن تأثير سنوات القتال والخبرة الميدانية القاسية على الصحة النفسية والسلوك الفردي.
أما داخل أفغانستان نفسها، فتسود اللامبالاة، إذ يرى كثيرون أن الحادث شأن أميركي داخلي لا يمسّ واقعهم اليومي، وعلق مسؤول أمني، فضل عدم ذكر اسمه، للجزيرة نت ” لا أستطيع التعليق على الحادث في واشنطن، ولكن يمكنني القول: بضاعتهم ردت إليهم”.
