الخزوز ترد على خطاب الموازنة .. نحن أمام منعطف حقيقي

وكالة الناس ـ احمد قدورة

مداخلة النائب رند الخزوز على خطاب الموازنة

حين نناقش الموازنة العامة، فإننا في الحقيقة نناقش مسار الحكومة للعام القادم، واتجاه الدولة في أولوياتها الاقتصادية والاجتماعية

فمشروع موازنة عام 2026 الذي نبدأ اليوم قراءته الأولية، يمثل ـ من وجهة نظري ـ الاختبار الحقيقي الأول لحكومة الدكتور جعفر حسان، لأنها أول موازنة تُعد بالكامل في عهدها، من الألف إلى الياء.

وكنت أتمنى أن تعكس هذه الموازنة فلسفة الدكتور جعفر الاقتصادية والمالية والاجتماعية، لا أن تكون تكرارًا للفلسفة التقليدية في إعداد الموازنات السابقة، تلك التي لم تُحدث أي اختراقٍ اقتصادي يمكن البناء عليه

ومن هذا المنطلق، أود أن أُحذّركم زميلاتي وزملائي أننا سنكون أمام منعطفٍ حقيقي، إذا لم يكن لمجلس النواب دورٌ واضح في تجويد هذه الموازنة ونقلها مما هي عليه إلى موازنةٍ تفاعليةٍ تُترجم حاجات الوطن والمواطن، وتبنى عليها المرحلة القادمة

ومن خلال قراءة الملامح الأولية لموازنة عام 2026، يمكن القول إنها ما زالت تُبنى على نفس القواعد النمطية التي تتكرر في كل عام

فالنفقات الجارية، على سبيل المثال، ما زالت تشكل النسبة ذاتها تقريبًا خلال السنوات الخمس الأخيرة، بحدود 30% من الناتج المحلي الاجمالي

أما الإيرادات المحلية، ايضا ما زالت تدور عند نفس النسبة بحدود 25% من الناتج المحلي الاجمالي

وهو ما يدفعنا للتساؤل

هل الموازنة هي التي تفرض إيقاعها على الحكومة؟ أم أن الحكومة هي التي تفرض رؤيتها على الموازنة؟

وتأكيدًا لفكرة أن الموازنة ما زالت تُعد بالنهج ذاته، أشير إلى ملف النفقات الرأسمالية، التي تُعد من الأدوات الأهم في تنفيذ مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي.

لكن ايضا كما في كل عام، لا تلتزم الحكومة بما يُقره هذا المجلس الكريم، إذ يتم تحويل جزء من النفقات الرأسمالية إلى نفقات جارية

وفي مشروع قانون الموازنة الجديد، تقول الحكومة إن النفقات الرأسمالية ارتفعت بمقدار 230 مليون دينار، لكن فعليًا، إذا ما اردنا مقارنة الأرقام بما خُصص فعليًا في العام السابق، نجد أن الزيادة الحقيقية لا تتجاوز 130 مليون دينار فقط وهي اقل مما تعهدت به الحكومة سابقا

أما نسبة الاعتماد على الذات، فما زالت تدور حول المستويات ذاتها89.9 في موازنتي 2025 و2026، لا بل إنها في بعض المقارنات مع سنوات سابقة نجد هذه النسبة هي الاقل

اما العجز المقدر في الموازنة، فنأمل فعلاً أن يتحقق كما وعدت الحكومة، لا أن تكون الإيرادات مبنية على تقديراتٍ مبالغٍ بها كما شهدنا في موازناتٍ سابقة.

وبحسب الأرقام الأولية، فإن العجز قبل المنح – للحكومة المركزية والوحدات الحكومية – يبلغ نحو 3.5 مليار دينار،

لكن إذا ما أضفنا قيمة المتأخرات التي لا تظهر في الموازنة بشكل مباشر والمقدّرة بحوالي 500 مليون دينار،

فإننا نتحدث عن عجزٍ فعلي يقارب 4 مليارات دينار،

ولعل ما يلفت الانتباه انه في الوقت الذي كانت تتوقع فيه الحكومة نموا بنسبة 2.5% في العام 2025 توقعت نموا ب 3% في العام 2026 وفي الوقت الذي ترتفع فيه النمو بالفعل الى 2.7% للعام 2025 فانها خفضت النمو المتوقع للعام 2026 الى 2.9%

وهذا وحده كافٍ لإثارة العديد من التساؤلات حول منهجية اعداد الموازنات وبيناتها، وما إذا كانت الحكومة تراجع نفسها فعلاً بالأرقام أم تكتفي بإعادة الصياغة؟

الزميلات والزملاء الأكارم،

في الختام، أقترح على مجلسكم الكريم تحويل مشروع قانون الموازنة العامة الى اللجنة المالية لاستكمال دراسة وتحليل ومراجعة هذه البيانات،

على أمل أن نعود إلى هذه القبة لاحقًا بموقفٍ مبنيٍّ على الأرقام والحقائق، وبموازنةٍ أكثر عدالة وكفاءة، وانسجامًا مع رؤية التحديث الاقتصادي.