توضيح حول مقطع فيديو في السودان للشاب داخل تابوت
تداولت حسابات على منصات التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية مقطع فيديو يُظهر إجبار شخص على دخول “تابوت الموتى”، وسط مزاعم بأن الحادثة وقعت في السودان.
وانتشر الفيديو في وقت تتصاعد فيه الاتهامات الموجهة إلى قوات الدعم السريع بارتكاب مجازر جماعية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، شملت استهداف المدنيين في عدد من المدن، لا سيما في مدينة الفاشر بإقليم دارفور.
وحسب تقارير لمنظمات محلية ودولية، فقد تم توثيق عشرات الحالات التي تضمنت القتل خارج نطاق القانون، والاغتصاب، والنهب، وأعمال تطهير عرقي في بعض المناطق السودانية.
وتباينت الروايات حول الفيديو المتداول بين من اعتبره مشهدا يجسد “إرهابا دينيا” ضد أحد المواطنين المسيحيين في السودان، وبين من رآه جزءا من “مؤامرة دولية” تهدف إلى زعزعة استقرار السودان، وربطه باكتشافات الذهب في البلاد.
ولم يقتصر تداول الفيديو على الحسابات الناطقة باللغة العربية، بل انتشر بلغات أخرى مثل الإنجليزية والأردية، مما يدل على اتساع نطاق تأثيره ووصوله إلى جمهور عالمي.
الحقيقة
الانتشار الواسع للفيديو، دفع فريق “الجزيرة تحقق” إلى البحث وراء صحته وحقيقة الادعاءات المرافقة له، حيث تبين بعد التدقيق أنه حقيقي وتم قص الفيديو، لكنه قديم ولا يمت بصلة إلى السودان أو الحرب الدائرة هناك.
وتوصل فريقنا إلى نُسخ تعود إلى عام 2016، وتوثق حادثة وقعت في جنوب أفريقيا، تحديدا في مقاطعة مبومالانغا، حيث اتضح أن الفيديو مرتبط بجريمة عنصرية ارتكبها مزارعان أبيضان، هما تيو مارتينز جاكسون ووليام أوستويزن، ضد شاب أسود يدعى فيكتور ملوتشوا.
وتضمنت الجريمة ضرب الضحية وإجباره على الدخول في تابوت تحت تهديد السلاح، بزعم أنه اقتحم مزرعتهما.
ويسمع أحد المعتدين في الفيديو، متحدثا بلغة الأفريكانز (لغة الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا)، وهو يقول: “تعال، تعال، سنضع وقودا في الداخل”، مهددا كذلك بوضع أفعى داخل التابوت.
وقال ملوتشوا، لوسائل إعلام محلية، إنه خاف على حياته خلال هذه المحنة، مضيفا: “لقد ضربوني وقيدوني ووضعاني في تابوت”.
وأثارت الحادثة حينها غضبا واسعا في جنوب أفريقيا، واعتبرت دليلا على استمرار التوترات العنصرية في البلاد.
وحُكم على تيو مارتينز جاكسون ووليام أوستويزن في القضية -التي عرفت بـ”قضية التابوت”- بالسجن لمدة 14 و11 عاما في أكتوبر/تشرين الأول 2017، الأمر الذي رحبت به حكومة جنوب أفريقيا، بتهمة الخطف والاعتداء ومحاولة القتل، غير أن مسار القضية تغير بشكل ملحوظ كبير، ففي ديسمبر/كانون الأول 2019، أصدرت محكمة الاستئناف العليا قرارا بخفض الأحكام بشكل كبير.