المومني: التنسيق الأردني- المصري أحد أهم أعمدة استقرار الأمن القومي العربي

وكالة الناس –  قال وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور محمد المومني إنّ العلاقات التي تجمع الأردن ومصر، بركائزها التاريخية الراسخة، هي نتاج حرصٍ متبادل من قيادتي البلدين، جلالة الملك عبدالله الثاني وأخيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتنسيقٍ مستمر بينهما ،وتوجيهاتهما لمسؤولي البلدين لتدعيم أسس التعاون البيني وتطوير آلياته وتوسيع مجالاته بشكلٍ مستمر.

وأضاف المومني خلال حوار مع مجلة الأهرام العربي اجراه رئيس تحرير المجلة جمال الكشكي ونشر اليوم السبت أنّ هذه العلاقات القائمة على الرغبة الصادقة والثوابت الراسخة من الثقة والاحترام المتبادل، وصلت اليوم إلى مستويات مشرّفة تعبّر عن نموذجٍ متميّز في العمل العربي المشترك والتكامل الثنائي المستند إلى الرؤية الحكيمة لقيادتي البلدين.

وبين المومني، إنّه على الصعيد البيني، شكّلت اجتماعات الدورة الثالثة والثلاثين للجنة العليا الأردنية المصرية المشتركة، التي استضافتها عمّان في شهر آب الماضي، دليلاً واضحاً على متانة العلاقات بين البلدين الشقيقين.

وأشار إلى أنّ اللجنة تعدّ من أكثر اللجان العربية المشتركة انتظاماً، إذ لم تنقطع اجتماعاتها منذ تأسيسها، ما يجعلها إطاراً مؤسسياً فاعلاً لمتابعة وتنفيذ ملفات العمل المشترك بين الأردن ومصر في مختلف المجالات.

واوضح إنّ أعمال الدورة الأخيرة للجنة العليا الأردنية المصرية المشتركة، التي عقدت بحضور رئيسي وزراء البلدين الدكتور جعفر حسّان والدكتور مصطفى مدبولي، جسّدت مستوى التنسيق المتقدم بين الجانبين.

وأكد أنّ اللجنة شهدت توقيع 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في مجالات متنوعة تخدم تعزيز التعاون الثنائي، وتفتح آفاقاً أوسع للتكامل الاقتصادي والاستثماري بين الأردن ومصر.

وبشأن القضايا العربية اكد المومني ان جميع المحطات تؤكد أنّ التنسيق الأردني- المصري يشكّل أحد أهم أعمدة استقرار الأمن القومي العربي والإقليمي.

وأضاف المومني أنّ قيادتي البلدين، جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس عبدالفتاح السيسي، تتميزان بالحكمة والعقلانية والاتزان، وتعملان على توظيف جميع الجهود والعلاقات مع المجتمع الدولي لخدمة القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية العادلة والمركزية، التي تمثّل أولوية مشتركة ومصلحة عليا لكل من الأردن ومصر.

وقال المومني، إنّه لا يمكن أن ينطلق أي جهد أو حوار يتصل بالقضايا العربية من دون دورٍ رئيسي وفعّال لكل من الأردن ومصر، مشيراً إلى أنّ التشاور والحراك السياسي المستمر بين البلدين يمثّلان ركيزة أساسية في تعزيز وحدة الموقف العربي وتنسيق الجهود الإقليمية.

وأضاف أنّ الموقفين الأردني والمصري متقاربان إلى حدّ التطابق فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، موضحاً أنّ البلدين يتشاركان موقفاً ثابتاً وواضحاً يقوم على دعم حلّ الدولتين ورفض أي مخططات لتهجير الفلسطينيين، إلى جانب دورهما الإنساني والإغاثي البارز في دعم الأشقاء في قطاع غزة.

وعند سؤاله عن دور الإعلام الوطني في دعم المجتمع وحمايته من المخاطر السلبية التي قد تتهدده، قال المومني، إنّ الإعلام هو صنو الوعي ووسيلته، بمختلف أبعاده الوطنية والاجتماعية والثقافية والمعلوماتية.

وأوضح أنّ دور الإعلام لا يقتصر على نقل المعلومة فحسب، بل يمتد إلى بناء دراية إعلامية ومعلوماتية راسخة، تقوم على الموضوعية والحيادية وترسيخ المعلومة الصحيحة واستبعاد المغلوطة، مؤكداً أنّ ذلك يشكّل خط الدفاع الأول في حماية المجتمع من التضليل والإشاعات والمعلومات الزائفة.

وبين أنّ الحكومة تنظر إلى الإعلام كشريك أساسي في صناعة الوعي وتشكيل الرأي العام السليم، مشيراً إلى أنّ هذا النهج رسّخ مكانة الأردن كدولة رائدة في المنطقة في بناء منظومة وطنية متكاملة للتربية والدراية الإعلامية والمعلوماتية.

واشار الى أنّ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للدراية الإعلامية والمعلوماتية عام 2019 شكّل خطوة متقدمة في هذا الاتجاه، لافتاً إلى أنّ العمل جارٍ على تطبيق الخطة الوطنية الثانية مطلع العام القادم، بهدف تعزيز الوعي المجتمعي وترسيخ الثقافة الإعلامية المسؤولة.

وقال إنّ تعزيز الوعي الإعلامي بات ضرورة ملحّة لحماية المجتمع من الفوضى الرقمية والمعلوماتية، خاصة في ظل الاستخدام غير الرشيد من قبل البعض لأدوات الإعلام الحديث ومواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح المومني أنّ هذا الواقع يفرض الحاجة إلى شراكة تكاملية بين الإعلام العام والخاص من جهة، والحكومات التي تضع السياسات والاستراتيجيات الناظمة من جهة أخرى، مؤكداً أنّ الأردن جسّد هذا المفهوم واقعاً عملياً، وتسعى وزارة الاتصال الحكومي إلى تعزيزه من خلال إدارتها لملف الدراية الإعلامية والمعلوماتية وتوسيع نطاق تطبيقه على المستوى الوطني.

وفي معرض حديثه عن المبادئ الأساسية التي تقوم عليها استراتيجية الاتصال الحكومي في المملكة قال المومني، إنّ الاتصال يعدّ الأداة الفاعلة للحكومات في بناء علاقة سليمة ومستدامة مع المواطنين.

وأوضح أنّ العملية الاتصالية الناجحة تقوم على أسس واضحة تشمل تدفق المعلومات بشفافية، وتوفير قنوات فعّالة للتغذية الراجعة مع المواطنين، مشيراً إلى أنّ هذه المنهجية تجعل من الاتصال الحكومي عملية شراكة متكاملة تسهم في تعزيز الثقة وترسيخ التواصل البنّاء بين الدولة والمجتمع.

وقال إنّه في الحالة الأردنية، تقوم استراتيجية الاتصال الحكومي على مجموعة من المبادئ الراسخة التي تشكّل جوهر العمل الاتصالي المؤسسي.

وبيّن أنّ هذه المبادئ تتمثل في الشفافية والإفصاح، والتشاركية والاشتباك الإيجابي مع مختلف الفئات، إضافة إلى التكامل مع الإعلام الوطني والتفاعل مع حقّه في الوصول إلى المعلومة، مؤكداً أنّ هذه الأسس تعكس التزام الحكومة بترسيخ بيئة اتصال مفتوحة ومسؤولة تعزّز الثقة وتخدم المصلحة العامة.

وقال إنّ الاستراتيجية التي تطبقها وزارة الاتصال الحكومي تقوم على منطلقات واضحة وعملية وعلمية موضحا أنّ هذه المنطلقات تعنى بالمتابعة والدفاع عن مصالح الوطن، وبناء علاقة متينة مع الشركاء لصياغة رؤية متكاملة للإعلام الأردني.

وشدد وزير الاتصال الحكومي على أنّ هذه العلاقة تقوم على أسس الحرية المسؤولة، والثقة المتبادلة، والمهنية الإعلامية، والخدمة الصادقة للمصلحة الوطنية.

وقال إنّ الحكومة مستمرة في تطوير منظومة الاتصال والإعلام الحكومي من خلال مواكبة أحدث المستجدات في استراتيجيات الإعلام والاتصال والأدوات الإعلامية الحديثة.

وأضاف أنّ هذا التطوير ينعكس بشكل مباشر على أداء المعنيين بالاتصال الحكومي، وخصوصاً الناطقين الإعلاميين الذين يتولون الدور الرئيس في صياغة وإسناد الرسائل الاتصالية وإبراز الجهود المؤسسية بصورة معاصرة.

وأكد أنّ استراتيجية الاتصال الحكومي تتضمن خطة تدريبية وتأهيلية للناطقين، إضافة إلى إعداد نظام تنظيمي خاص بهم، ليكون إطاراً واضحاً يحكم عملهم، ويركّز على تمكينهم وتعزيز قدرتهم على تقديم الصورة المؤسسية للوزارات والمؤسسات التي يمثلونها بأفضل صورة ممكنة.

وعند سؤاله عن التعاون الإعلامي العربي ودور الأردن في تعزيزه، خاصة في ظل التجارب والرؤية المتميزة التي تمتلكها المملكة، قال المومني، إنّ الأردن لطالما كان وسيبقى ملتزماً بدعمه للعمل الإعلامي العربي المشترك.

وأوضح أنّ الظروف غير المسبوقة التي تمر بها المنطقة، إلى جانب تسارع العولمة الإعلامية والتدفق المعلوماتي وثورة الاتصال، فضلاً عن توسّع دائرة التضليل الإعلامي وخطر الإشاعات التي تستهدف النشء العربي، تستلزم تنسيق الخطوات والتحركات العربية في مجال الإعلام.

واكد المومني أنّ الأردن يسعى من خلال ذلك إلى بناء سردية وأدوات ومحتوى إعلامي يساهم في خدمة القضايا العربية، وحماية الهوية والثقافة العربية.

وقال إنّ التحديات التي تواجه منطقتنا في السنوات الأخيرة لا يمكن التعامل معها من زاوية سياسية فحسب، بل لها تداعيات متعددة الأوجه تتطلب وعياً جمعياً وتوحيد الخطاب العربي.

وأضاف أنّ تحصين العقل العربي، لا سيما الشباب، يستلزم فتح قنوات حوار معهم عبر وسائط الإعلام الحديث، ضمن سقوف ديمقراطية توفر إجابات لتساؤلاتهم وتشركهم في الحوار واتخاذ القرار.

وشدد على أنّ التوعية باستخدام تكنولوجيا وأدوات التواصل بشكل رشيد، والاعتزاز بالموقف العربي ونصرة قضايا الأمة من خلال نقل المعلومة الصحيحة والحقيقة والصورة الواقعية، تشكل ركائز أساسية في مواجهة هذه التحديات.

وبالنسبة لتأثير الذكاء الاصطناعي على مختلف مناحي الحياة، بما فيها الصحافة والإعلام، ومدى وجود مخاطر محتملة قال المومني، إنّ الأردن يحرص على تسخير التكنولوجيا وتطوراتها لخدمة كافة القطاعات.

وأوضح أنّ المخاوف لا تكمن في استبدال تطبيقات الذكاء الاصطناعي للعقل البشري، بل في الاستخدام الخاطئ لهذه التكنولوجيا، خصوصاً أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي تعتمد على المحتوى الذي يقدمه الإنسان لهذه التطبيقات.

وأضاف أنّ أي تحدٍ يطرحه الذكاء الاصطناعي يحمل في طياته فرصاً يمكن الاستفادة منها، طالما أن هذه التكنولوجيا أصبحت أمراً واقعاً ولا يمكن وقف تقدمها بالمخاوف منها.

وأشار المومني، إلى أنّ تطبيقات الذكاء الاصطناعي أحدثت تطوراً كبيراً في صناعة الإعلام والمحتوى، وساهمت في تعزيز مهارات تحليل البيانات بشكل غير مسبوق.

وأضاف أنّ هذه الإيجابيات لا تُغفل التحديات التي أفرزها الذكاء الاصطناعي، والتي تتعلق بمخاوف أخلاقية ومهنية، مثل مخاطر التلاعب بالمحتوى، وانتهاك الخصوصية، وتزييف الصوت والصورة، فضلاً عن إمكانية الترويج لمعلومات مضللة.

وأكد المومني، أنّ التعامل مع فرص وتحديات الذكاء الاصطناعي لا يكون بالمخاوف، بل عبر الممارسات السليمة وبناء الوعي الرقمي، وتأهيل العاملين في الإعلام بثقافة رقمية تعزز قدرتهم على الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.

وشدّد على أنّ المؤسسات الإعلامية بحاجة لتعزيز التعاون مع الجهات الأكاديمية والمتخصصة في الذكاء الاصطناعي لمواكبة تطورات هذه التطبيقات وأفضل الممارسات، وإعادة بناء الثقة مع الجمهور من خلال التحقق من مصادر المعلومات.

وأضاف أنّ على مستوى الدول، يمكن وضع تشريعات ناظمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي تتضمن بنوداً تتعلق بالمحتوى، وقدرة الوصول وفقاً للفئات العمرية، والتبليغ عن أي خرق لقيم مهنية أو للخصوصية.

وبحصوص برامج رؤية التحديث في المملكة ودور الاتصال الحكومي فيها، قال المومني، إنّ التحديث في مسيرة الأردن يُعدّ نهجاً مستداماً، ومشروع الدولة الأردنية في مئويتها الثانية يُمثل مشروعاً إصلاحياً شاملاً.

وأوضح أنّ جلالة الملك عبدالله الثاني دعا لإطلاق خطط تحديث شاملة تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والإدارية، لتكون أولوية استراتيجية تمكّن الجيل الأردني الشاب من بناء مستقبل مليء بالثقة والقدرة على تطوير الدولة وتحويلها إلى نموذج يحتذى به.

وقال المومني، إنّ برامج التحديث في الأردن تنطلق من منظور ديمقراطي وأسس الشراكة الحقيقية مع مختلف فئات المجتمع.

وأوضح أنّ هذه البرامج هي ثمرة حوارات وطنية اتسمت بالحرية والشفافية، وشملت تنوع المشاركين من الأحزاب والمؤسسات الرسمية وهيئات المجتمع المدني والجامعات، إضافة إلى الشباب والمرأة والقطاع الخاص، حيث ساهم كل منهم ضمن لجانه وجلساته في تحديد معالم رؤية التحديث وفق اختصاصه وخبراته.

وأشار إلى أنّ جلسات وورشات العمل الحوارية لكل اللجان حظيت بدعم ومتابعة مستمرة، وغالباً ما شهدت حضور جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد.

وأضاف أنّ الديوان الملكي الهاشمي استضاف سلسلة ممتدة من هذه الجلسات والورشات، التي أسفرت عن إنجازات ملموسة في النهوض بالعملية السياسية وتعزيز مشاركة المواطن في صناعة القرار.

وأشار إلى أنّ جلسات عديدة عُقدت مؤخراً مع خبراء ومختصين من القطاعين الخاص والحكومي، استهدفت مراجعة وتقييم التقدم المحرز في تنفيذ المرحلة الأولى من رؤية التحديث الاقتصادي(2023–2025).

وأوضح المومني أنّ هذه الجلسات تهدف أيضاً إلى إعداد البرنامج التنفيذي الثاني للفترة (2026–2029) بطريقة تشاركية تأخذ في الاعتبار أولويات كل قطاع اقتصادي وتنموي، على أن تُترجم هذه الأولويات إلى مشاريع عملية قابلة للتنفيذ.