الوجه اللي بتعرفه..
ونحن نشاهد القوائم تتشكل و»ميّة الرأس» تنحدر، والأسماء يزاح عنها ورق قصدير التغليف ، لا أستطيع أن أرفع سقف توقعاتي من اختيارات شعبنا الحبيب في انتقاء نواب السنوات الأربع القادمة، وذلك بسبب خبرات متراكمة وتجارب متكررة معروفة عنه ، تشي أننا من الشعوب التي لا تحب المغامرة والتجديد والتغيير على الإطلاق..
خذوا مثلاً الأردني إذا ذهب إلى العقبة لا بد أن يحضر «مكسرات ومخلوطة» من محمص (…) هناك، وإذا ذهب إلى تركيا لا بد أن يحضر «راحة» تركية ، ومن الإمارات «بهارات برياني» ، عشرات بل مئات الأردنيين رأيتهم و»مالحتهم» واستقبلت هدايا منهم وأهديتهم ، فإن خياراتنا لا تقفز عن هذه الخيارات..»مخلوطة» و»راحة» و»بهارات»…رغم ان العقبة مليئة في الشوكلاته الطيبة ، وتركيا أم الهدايا والحلويات ،والإمارات سوق عالمي مفتوح..الا أن الأردني – وأنا أولهم- عندما يزور هذه المناطق ينسى كل شيء وتنحصر خياراته في هذه الأشياء من منطلق «الوجه اللي بتعرفه»..المجلس القادم قد لا ينفلت من الخيارات الثلاثة.فهم يريدون مجلس «مخلوطة» يبصم ويأكل «راحة»..لأنه من المتفق عليه ضمناً أن النيابة في بلدنا بعد تعديل الدستور ليست الا «بهارات» على العملية السياسية لا تتحكم بدرجة استوائها أو نضجها وكيفية تقديمها، وإنما هي لون ونكهة ثانوية ليس الا…
بالمناسبة القاعدة المعرفية التي زرعها فينا الأجداد «الوجه اللي بتعرفه أحسن من اللي ما بتعرفه» هي التي «جابت خميرنا»، وهي التي راكمت مديونيتنا ، وأنهكت اقتصادنا، وصنعت رموزا وطنية لا هي رموزا ولا هي وطنية..بقينا نركض ونلهث وراء «الوجه اللي بنعرفه» حتى سنّ الخازوق جيداً ونالونا إياه وجه وقفا..
لم نخرج عن سكة الاختيار يوماً، نرضى بالمسلمات نضع مجموعة أمثال بالية متهالكة دستور لنا في الخيار والقرار والتعبير عن الرأي…»حط راسك بين الروس وقول يا قطاع الروس» أطعناهم ووضعنا الرأس بين الرؤوس حتى صار سعر الرأس في مطعم «أبو موسى» أغلى من رأسي..»امشي الحيط الحيط وقول يا رب الستيرة» فباعوا الحيط والخيط و الأرض و انكشف الستر..»اللي بيتجوز أمي بقله يا عمي» لا يوجد مثل شعبي ينزع المروءة والحمية كمثل هذا المثل ، المهم العمومة وليس المهم سمعة «الوالدة»..فصاروا كل الجيران أعمامنا ونحن «قواريط» نبحث عن مناجاة العم ، ومع الزمن ومن كثر تكرار زواج الوالدة لم يعدوا يقبلوننا حتى كشهود روتينين على «زواج أمنا» من عمّنا المناوب …وأخيراً «الوجه اللي بتعرفه أحسن من اللي ما بتعرفه» لذا لم يبق وجه مصفوف أو منفوخ أو بارد الا وامتطانا وتشيّخ علينا..ونحن نخشى التجريب أو التجديد ونكتفى ا بالمعروفين لدينا…يا اخي بلكي الوجه اللي ما بنعرفه طلع ابن حلال..وأحسن من اللي بنعرفه…
غطيني يا كرمة العلي من هون لشهر عشرة!!