البنك المركزي.. رأي آخر
استند البنك المركزي في مطالبته بتعديل قانونه الى نتائج الأزمة المالية العالمية عام 2007 التي حولت الاستقرار المالي الى هدف للبنوك المركزية حول العالم وليس فقط الاستقرار النقدي وأصبح المركزي الأردني مسؤولا بموجب نصوص قانونية عن تحقيق الاستقرار المالي.
هذه مهمة ستكون صعبة على البنك المركزي، وقد كان حتى قبل تعديل القانون يقوم بها أدبيا عبر النصح، وإجرائيا عبر أدوات سياسته النقدية، فالحكومات عبر وزارة المالية تريد التوسع في الإنفاق ومصادره الاقتراض، والبنك المركزي لا يرغب بتضخم سالب أو إيجابي ولا يريد أن يرى مديونية وعجز تؤثران على سعر صرف الدينار.
كنا ننتبه نحن المراقبين الى الشد والجذب الذي يجري بين السياستين المالية والنقدية، وكنا نثق بما يراه البنك المركزي لأننا نعتقد أنه لا يرضخ لضغوط شعبية مثل تلك التي ترضخ لها في العادة الحكومات، لكن السماح للبنك بأن يكون مقرضا سيضعه في هذه الخانة.
ليس مطلوبا أن يكون هناك تناغم بين السياسيتين، لمصلحة الإقتصاد ومسؤوليات البنك الجديدة في الحفاظ على الإستقرار المالي الى جانب النقدي قد تقود الى هذا التناغم أو قد تؤدي الى خلاف لا إلتقاء فيه، والإعتماد على توافق الرأي بين وزير المالية والمحافظ كان دائما هو الإستثناء، وفي الحسابات طويلة الأمد لن تكون مثل هذه الإعتبارات صائبة بالرغم من تمتع البنك المركزي بكل قواعد المؤسسية والإستقلالية ستبقى هناك ثغرة، تمكن الحكومة أي حكومة من إقالة المحافظ ومجلس الإدارة كأسهل الحلول لفض النزاع..
البنك المركزي سلطة ترقى الى مرتبة السلطات الرئيسية في البلاد، وقد رأينا في وقت سابق كيف أقيل محافظ سابق للبنك المركزي لأنه كان يتدخل وينتقد سياسات الحكومة في موضوع الدعم وعجز الموازنة والمديونية.
تمتع سلطة البنك المركزي بصفة سلطة لا تقل شكلا عن السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية منقوصة طالما أن قرار تعيين وقبول استقالة المحافظ، وأعضاء مجلس الإدارة، منوط بمجلس الوزراء، وإقترانه بالإرادة الملكية هو إجراء لاحق يتوج إصرار الحكومة على قرارها بإعتبارها صاحبة ولاية..
تناغم السياستان النقدية والمالية ليست في مصلحة الإقتصاد دائما، ووجهة نظر السياسة النقدية التي يمثلها المركزي ومحافظه، تجعل منه كمن يجدف عكس التيار عندما يخالف توجهات الحكومة المالية وشهيتها للإقتراض.
البنك المركزي يجب أن يبقى محطة إنذار مبكر ونقطة إرتكاز لمعادلة التوازن في تقييم المخاطر الناجمة عن عدم الإلتزام بخطة الإصلاح الاقتصادي.