وزير المالية السوري يتنبأ بتحول سوريا إلى ماليزيا خلال 5 سنوات
وكالة الناس-أكد وزير المالية السوري محمد يسر برنية أن بلاده دخلت مرحلة جديدة من الإصلاح المالي والاقتصادي تقوم على استعادة الثقة مع المجتمع والقطاع الخاص، وتعزيز الانضباط المالي، وإعادة بناء المؤسسات العامة ضمن رؤية “براغماتية” تعتمد على الكفاءة والانفتاح على الاستثمار.
وقال برنية خلال مشاركته في جلسة بعنوان “إعادة بناء سوريا… رحلة نحو الاستقرار والازدهار” ضمن الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لعام 2025، إن أولويات عمله تتركز على استعادة الثقة والمصداقية المالية ومحاربة الفساد وبناء القدرات.
وأشار الوزير إلى أنه بدأ عمله بالتواصل المباشر مع غرف التجارة والصناعة والمجتمع المدني بهدف إزالة إرث عدم الثقة بين الحكومة والقطاع الخاص.
وفيما يتعلق بالعقوبات، قال برنية بوضوح: “العقوبات خلفنا، ولن نستخدمها ذريعة لعدم المضي في الإصلاح”، معربًا عن أمله في إنهاء ما تبقى من إجراءات قانون قيصر بنهاية العام الجاري.
وأضاف: “نحن نمضي قدمًا دون النظر إلى الخلف، ولا ننتظر الكمال، لأن من ينتظر سيفوّت الفرصة”.
وخلال رده على الأسئلة، أعرب الوزير عن ثقته بمستقبل بلاده، قائلاً: “سوريا ستكون ماليزيا خلال خمس سنوات”. وأضاف: “اليوم أفضل من الأمس، وغدًا سيكون أفضل من اليوم”.
وأوضح برنية أن أبرز التحديات التي تواجه وزارته تتمثل في تحقيق الانضباط المالي مع تلبية احتياجات المواطنين، والتحول من الدعم العام إلى الدعم الموجّه، ومكافحة الفساد في ظل تدني الرواتب، إلى جانب تطوير الكفاءات المؤسسية.
وأشار إلى أن سوريا تعمل على إصلاح نظامها الضريبي المعقد، موضحًا أن الوزارة تسعى إلى تبسيط الضرائب من 33 نوعًا إلى 3 أو 4 ضرائب فقط تكون واضحة وسهلة التطبيق وعادلة.
وفي ما يتعلق بإدارة الدين العام، قال برنية إن بلاده تعمل على تسويات مع الدائنين، مشددًا على أن إصلاح المؤسسات العامة ذات الكفاءة المحدودة يمثل تحديًا رئيسيًا وأولوية في خطة العمل.
وأكد أن الحكومة لن تمول أي مشروع يمكن للقطاع الخاص تنفيذه، مضيفًا: “قررنا ألا نمول من الموازنة أي مشروع يستطيع القطاع الخاص القيام به، لأن فلسفتنا هي أن يقود القطاع الخاص النمو الاقتصادي والاستثمار”.
وأعلن الوزير عن تأسيس “صندوق التنمية السوري” لتمويل مشاريع البنية التحتية والإعمار، إلى جانب العمل مع البنك الدولي لإطلاق “صندوق ائتماني متعدد الأطراف” لجذب دعم المانحين والمؤسسات الدولية.
وكشف برنية أن بلاده صفّت كامل التزاماتها تجاه البنك المركزي السوري، قائلاً: “الرصيد صفر، ولدينا فائض في الموازنة”، مضيفًا أنه تعهد بعدم تمويل العجز من البنك المركزي مستقبلاً.
وأشار إلى أن العلاقة بين وزارة المالية والبنك المركزي تقوم على تواصل يومي وتنسيق مستمر للحفاظ على استقرار السياسة النقدية.
وأكد الوزير أن الحكومة تعمل على تحديث القوانين المنظمة للاستثمار والشركات والعمل والضرائب بما يهيئ بيئة جاذبة للقطاع الخاص والمستثمرين الأجانب، مشيرًا إلى إنشاء محكمة مختصة بقضايا الاستثمار ونافذة موحدة لتسهيل الإجراءات ومنح حوافز واسعة للمستثمرين.
وأضاف أن كل اللوائح الجديدة تُنشر للتشاور العام، وأن الحكومة ستصدر تقريرًا ماليًا شهريًا يوضح كل قرش يدخل أو يخرج من الخزينة.
وفي ما يتعلق بالقطاع المالي، أوضح برنية أن الوزارة تجري تقييمًا تفصيليًا للقطاعين المصرفي وغير المصرفي ضمن خطة لإصلاح سوق المال والتأمين، مشيرًا إلى تعاون قائم مع “سوق تداول السعودية” لتطوير سوق دمشق للأوراق المالية.
وقال الوزير إن الهدف هو ترقية السوق السورية إلى تصنيف الأسواق الناشئة خلال ثماني سنوات، موضحًا أن أنظمة جديدة ستصدر قريبًا لفتح السوق أمام المستثمرين الأجانب وتوسيع الأدوات المالية المتاحة.
وفي ملف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، قال برنية إن سوريا وضعت استراتيجية وطنية تمت مناقشتها مع وزارة الخزانة الأميركية وصندوق النقد الدولي، موضحًا أن الهدف هو ضمان أعلى درجات النزاهة في النظام المالي، ومؤكدًا أن بلاده ستخرج قريبًا من القائمة الرمادية لمجموعة العمل المالي (FATF)، وأن التواصل مع الجهات التنظيمية الأميركية مستمر أسبوعيًا.
وفي حديثه عن مستقبل الحوكمة، شدد الوزير على أن الحكومة تسعى إلى أن تكون صغيرة وكفؤة، قائلاً: “ليست لدينا أيديولوجيا في التعامل مع الشركات العامة، سنتعامل مع كل حالة على حدة سواء بالدمج أو إعادة الهيكلة أو البيع الجزئي”. وأضاف: “نريد حكومة صغيرة وميزانية أصغر، لكن أكثر كفاءة”.
وأوضح برنية أن الاستثمار في محافظات دير الزور ودرعا والسويداء والرقة والحسكة يتمتع بإعفاء ضريبي كامل، مشيرًا إلى أن الموازنة الجديدة خصصت تمويلاً إضافيًا للمناطق الريفية لتحقيق تنمية شاملة لجميع السوريين وليس لدمشق وحلب فقط.