نزيف الكهرباء مستمر
لكي تتجنب أو تؤجل حكومة الدكتور عبد الله النسور السابقة اتخاذ أحد القرارات الصعبة وهو تعديل أسعار الكهرباء لتغطي الكلفة ، أكدت لنا في حينه أن شركة الكهرباء الوطنية (نبكو) المملوكة من الحكومة بنسبة 100% لم تعد تحقق خسائر بعد انخفاض أسعار البترول ، مما يعني أن التعديل لم يعد لازماً ، وليس هناك مشكلة لكي تعالجها الحكومة!.
تشير بيانات الشركة المنشورة على موقعها الإلكتروني إلى أن رأسمالها يبلغ 230 مليون دينار ، وأن خسائرها في عام 2015 وحده تزيد عن رأسمالها ، وأن إجمالي الخسائر المتراكمة يناهز 9ر4 مليار دينار أو أكثر من 21 ضعف رأسمالها. وقد تحققت خسارة حتى في السنة التي شهدت فيها أسعار البترول انخفاضاً حاداً.
بذلك (نجحت) حكومة النسور في تأجيل أخذ القرار ، ورحلته إلى حكومة الملقي ، التي واصلت بدورها نفس السلوك مع الرأي العام ، وبذلت جهوداً لاقناع صندوق النقد الدولي بعدم الحاجة لتعديل التعرفة إلى أن يبلغ سعر البرميل 57 دولارا ، واعتبرت هذا التأجيل إنجازاً نقلته إلى الرأي العام بكل فخر واعتزاز!.
التعرفة الراهنة مختلة لدرجة فادحة ، حيث يبلغ سعر الشريحة العليا أكثر من ثمانية أضعاف سعر الشريحة الدنيا ، وهو فرق كبير لا تبرره حتى سياسة الدعم ، الامر الذي دفع كبار مستهلكي الكهرباء من فنادق ومستشفيات وبنوك إلى إنتاج الكهرباء ذاتياً ، وبيعها للحكومة (مقاصة) بسعر الشريحة العليا ، أي ان الحكومة أصبحت تدعم كبار مستهلكي الكهرباء بمقدار 145 فلساً للكيلووات أو 55% من سعر الشريحة الأخيرة!!.
هـذا الأسلوب في تجنب مواجهة الحقائق ، ومحاولة تأجيلها وترحيلها ، ينطبق على سياسة الإصلاح الاقتصادي التي طلبنا من الصندوق أن يشرف عليها ويشهد لها ، فلم يجد ما يسر البال ، مما اضطره لتأجيل البدء بالمشروع سنة كاملة من الشد والرخي والمساومات والتنازلات.
نريد أن نعرف ما إذا كانت هناك إرادة حقيقية للإصلاح ومواجهة الحقائق بدلاً من تركها تتفاقم ايثاراً للسلامة الشخصية ، أم أن الشعبية لها الأولية وأن القيادة للشارع الذي لا يريد أن يرى إشارة الضوء الأحمر.
الطفل الصغير يبكي احتجاجاً على إبرة التطعيم ضد الأمراض وهو لا يدري أنها لمصلحته وأن ألم الأبرة يجنبه أشد الأخطار.