عملية سرية بتنسيق دولي ..من هي أحلام فروانة التي أجلاها ترمب من غزة؟
وكالة الناس – في عملية بالغة الحساسية والتعقيد، تمكنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من إجلاء السيدة الفلسطينية أحلام فروانة (59 عامًا) من قطاع غزة خلال الأسابيع الأخيرة، في خطوة نُفذت بتنسيق مباشر مع الحكومتين الإسرائيلية والأردنية، وتطلبت وقفًا مؤقتًا للغارات الإسرائيلية لتأمين مرورها الآمن.
عملية سرية بتنسيق دولي
حسب مصادر أميركية، استغرقت العملية عدة أسابيع من التحضير وشهدت تواصلًا مباشرًا بين مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى ودوائر أمنية في كل من تل أبيب وعمان، لتأمين خروج أحلام من القطاع المحاصر.
العملية تضمنت تبرعًا بقيمة 10 آلاف دولار لتغطية تكاليف النقل، واستخدام وسائل تقنية متقدمة لتتبع موقعها وضمان سلامتها خلال تحركها من غزة عبر المعبر إلى الأردن.
من هي أحلام فروانة؟
أحلام فروانة هي فلسطينية من سكان غزة، ووالدة يونس فروانة (32 عامًا)، الذي التحق بالبحرية الأميركية عام 2023 في إطار سعيه للحصول على الجنسية الأميركية.
بعد اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، فقدت العائلة منزلها المكوّن من سبعة طوابق، واضطرت للعيش في ظروف إنسانية قاسية وسط نقص حاد في الغذاء والدواء، حتى أنها – حسب ابنها – اضطرت أحيانًا إلى تناول طعام العصافير للبقاء على قيد الحياة.
جدل حول سياسات الإجلاء الأميركية
منذ اندلاع الحرب، شكّلت قضية إجلاء الأميركيين من غزة نقطة توتر بين عائلات فلسطينية تحمل الجنسية الأميركية وإدارة ترامب، إذ رفعت عدة أسر دعاوى قضائية تتهم الإدارة بالتقاعس عن حمايتهم.
وقالت المحامية ماريا كاري، التي تمثل عددًا من هذه العائلات، إن السياسة الأميركية تجاه غزة ازدادت تشددًا في عهد ترامب، لا سيما بعد قرار وزارة الخارجية في أغسطس 2024 وقف منح تأشيرات زيارة لأبناء غزة، إثر حملة انتقادات من الناشطة اليمينية لورا لومر التي اعتبرت استقبال أطفال غزة في أميركا “تهديدًا للأمن القومي”.
رحلة الهجرة والانتظار الطويل
بعد حصوله على الجنسية الأميركية في فبراير 2024، بدأ يونس فروانة جهودًا مكثفة لإخراج والدته من القطاع، إلا أن الإجراءات البيروقراطية عطلت الملفات الخاصة ببقية أفراد الأسرة.
وكانت أحلام الوحيدة التي حصلت على موافقة مبدئية لدخول الأراضي الأميركية، ما جعلها محور اهتمام مباشر من السفارة الأميركية في عمان، التي تابعت تنقلها حتى وصولها إلى العاصمة الأردنية، ومنها إلى الولايات المتحدة.
تعاون أمني غير مسبوق
وكشفت صحيفة واشنطن بوست أن فريق العملية اعتمد على اتصالات مباشرة مع الجيش الإسرائيلي وجهازي الأمن “الشاباك” و”الموساد” لتأمين الممر الآمن لأحلام، وضمان عدم استهداف موقعها أثناء تنقلها.
ووصف مصدر أمني أميركي مشارك في العملية التنسيق الثلاثي بين واشنطن وتل أبيب وعمان بأنه “الأكثر حساسية منذ بدء الحرب في غزة”.
أبعاد إنسانية وسياسية
يرى مراقبون أن عملية الإجلاء تحمل أبعادًا إنسانية وسياسية متشابكة، إذ تسعى إدارة ترامب السابقة لإبراز نفسها كمدافع عن الأميركيين من أصول عربية، في ظل الانتقادات الواسعة التي طالتها بسبب سياساتها تجاه غزة.
كما تكشف العملية عن مستوى التعاون الأمني بين واشنطن وتل أبيب حتى في أكثر الملفات حساسية، بما يعكس التداخل العميق بين الاعتبارات الإنسانية والسياسية في الصراع القائم.
في النهاية أن عملية إجلاء أحلام فروانة من غزة تمثل أكثر من مجرد قصة إنسانية؛ إنها رسالة سياسية مزدوجة: من جهة، استعراض لقدرة واشنطن على تنفيذ عمليات دقيقة في بيئة أمنية معقدة، ومن جهة أخرى، تذكير بأن الحرب في غزة ما تزال تعيد رسم خطوط العلاقات الإقليمية والدولية، بين الإنسانية والمصالح.