ليلة رعب بسبب أمطار الخريف في الجزائر
وكالة الناس – تحوّلت ليلة السبت إلى الأحد، لـ”ليلة رعب” بالنسبة لسكان عدد من الولايات الجزائرية، عقب تسجيل أمطار قوية خلفت فيضانات وسيولاً جارفة، أدت إلى وفيات وإصابات، حيث سجلت مصالح الحماية المدنية وفاة خمسة أشخاص، من بينهم طفلان ورضيع، جراء فيضانات نجمت عن أمطار غزيرة في ولايات الجلفة والمسيلة وبرج بوعريريج ومناطق أخرى في شرق وجنوب البلاد.
وعاش سكان تلك المناطق لحظات مرعبة، وهم يحاولون إنقاذ أرواحهم وممتلكاتهم، فيما تطوع مواطنون لمساعدة المصالح المختصة من حماية مدنية ورجال إسعاف في إنقاذ الأشخاص، خاصَّة أنَّ السيول جرفت الكثيرين وكادت الحصيلة تكون كبيرة لولا مساعدة الجميع.
كما تابع الجزائريون من خلال الفيديوهات وحتى تقنية البث المباشر على “فيسبوك” و”تيك توك” تلك اللحظات العصيبة التي مر بها سكان تلك المناطق، حيث يظهر فيديو، كيف أنَّ السيول جرفت العباد والممتلكات وأغرقت الشوارع في ولاية المسيلة، حيث اعتلى مواطنون المرتفعات لتفادي السيول الجارفة، في حين يظهر فيديو آخر كيف أن السيول دخلت إلى البيوت في زمورة بولاية برج بوعريريج شرق الجزائر، ونقل فيديو آخر مشاهد السكان وهم يساعدون مصالح الحماية المدنية في إنقاذ الأشخاص المحاطين بالمياه من كل جانب.
وصنعت هذه الأحداث الجدل من جديد في الجزائر حول مسؤوليتها، حيث أرجعها كثيرون إلى إهمال بعض الأشخاص بشأن رمي المهملات شكل يسد البالوعات، وهو السيناريو الذي يتكرر في بداية الموسم من كل سنة قال أحدهم: “علينا أن نتعلم الدروس من هذه الفيضانات والتي صارت تأخذ الأرواح وتجرف الممتلكات”، وقال آخر: “على الجمعيات والمجتمع المدني أن ينظم حملات مثل تلك التي نظمت في بعض الأحياء والمناطق لتنظيف البالوعات مع اقتراب فصل الخريف من كل سنة”، غير أن آخرين أرجعوا اللوم على السلطات المحلية التي كانت مطالبة بأن تنظف البالوعات وتستبق هذه الأحداث: “أين البلديات مما وقع، الأرصاد الجوية كانت قد نبهت إلى تساقط أمطار غزيرة، كان يجب إعلان حالة طوارئ حتى نتفادى وقوع ضحايا”.
“كان يمكن تجنب آثارها”
وفي هذا السياق، صرَّح المختص في المخاطر الكبرى، سعيد صادي، أنَّ كثيرا من البلدان مُهددة بخطر الفيضانات، وهذا بسبب عدة عوامل منها الطبيعية، على غرار التغيرات المناخية التي صارت تهدد العالم”.
وحسب المتحدث في تصريحه لـ”العربية.نت” فإن: “الجزائر لا تشذ عن القاعدة، حيث إنَّ أكثر من 35 ولاية من كل المناطق مهددة بالفيضانات، تضم نصف بلديات الوطن، كون أغلبها مشيدة فوق أودية نشطة، يمكن أن يغذيها تساقط كميات كبيرة من الأمطار، يضاف إليها عوامل أخرى منها العمران الهش”.
وعليه دعا المتحدث إلى “إعلان الطوارئ في المنطق العمرانية التي تقوم تحتها أودية نشطة، حيث يجب تبني خطة واضحة من أجل وقاية السكان من خطر الفيضانات، ويزداد الحرص مع تحذيرات هيئات الأرصاد الجوية”.
أما عن الأمطار المتساقطة نهاية الأسبوع، فأوضح صادي أنها “لم تكن كثيفة ومع ذلك تسببت في كوارث ووفيات، ما يستوجب علينا أن نأخذ بالحسبان حالة تساقط كميات كبيرة، ونتوقع الأسوأ”.
بدوره كشف المختص في الأرصاد الجوية، رابح قاضي أنَّ “اضطرابات جوية أخرى مرتقبة هذا الأسبوع تنطلق من الساعة التاسعة مساء الأحد، في عدة ولايات من الغرب والجنوب الغربي”.
وأفاد المتحدث في تصريحه لـ”العربية.نت”، بأنَّ هذه هي “الولايات الغربية: سعيدة، وتلمسان، ومعسكر، وغليزان، وسيدي بلعباس، والجنوبية الغربية: النعامة، والبيض، وتيارت وتسمسيلت”، حيث ستكون الأمطار مصحوبة ببرق ورعد، فيما ستعود الأجواء إلى الاستقرار في باقي الولايات، ومنها تلك الجنوبية، حسب شروحات قاضي، الذي أوضح أن “الطقس سيكون مشمسا مع تسجيل تساقط أمطار رعدية في أقصى الجنوب مساء الأحد، ونفس الأمر بالنسبة للمناطق الشمالية والساحلية”.
الداخلية تفتح تحقيقا
من جهته عقد وزير الداخلية والجماعات المحلية الجزائرية، السعيد سعيود، اجتماعا ظهيرة الأحد، “لدراسة آثار التقلبات الجوية والوقاية من الفيضانات”، حيث ذكر بيان للوزارة أنَّ “المسؤول الأول عن القطاع، أمر بمباشرة عمليات تفتيش فورية وخبرة تقنية معمقة تحت إشراف المفتشية العامة والمندوبية الوطنية للمخاطر الكبرى وكذا الديوان الوطني للأرصاد الجوية لتحديد الأسباب الفعلية وراء الآثار المسجلة، إضافة إلى التحقق من مدى اتخاذ الإجراءات الاحترازية التي سبق التأكيد عليها والتحديد الدقيق للمسؤوليات”.
وأفاد البيان أن المسؤول “شدد على ضرورة التصدي بصرامة لكل أشكال التسيب أو الإهمال وتفعيل دور اللجان المحلية لليقظة ومتابعة التقلبات الجوية على مستوى الولايات”.