في تسارع الأحداث!!
حين يضرب الزلزال منطقتنا، كما ضرب أوروبا والعالم زلزال الحرب الكونية الثانية، تتسارع الأحداث حتى لا يستطيع المراقب أن يتوقف للحظة ليعيد تقويم الأحداث، ووضعها في السياق!!. وقد وضع أندرية مالرو خارطة للتغيرات التي كانت توابع للزلزال الأكبر. فقد لاحظ: انه في المسافة القريبة بين نيسان وآب، مات روزفيلت، وتم تعليق موسوليني، وانتحر هتلر، وسقط تشرشل في الانتخابات النيابية، واستسلمت ألمانيا، والقيت القنبلة الذرية الأولى على هيروشيما!!. وكأن القدر ألقى بأبطال الحرب إلى جانب، ليبدأ العالم من جديد!!. وفي منطقتنا تتسارع الأحداث فمن انهيار أنظمة مصر وتونس وليبيا إلى ثورة سوريا.. إلى إعلان منع التجول في العراق على الطائفة السُنيّة العربية، .. فهذا الزلزال الذي اسميناه «الربيع العربي» يتسارع إلى حد أن القادم هو توابع قد تكون أخطر من الزلزال ذاته..
المراقب، ونحن منه، يلهث وراء الأحداث اليومية المتتابعة، ليفهمها،.. ثم ليكتب لقرائه، ما يعتقد أنه يمكن أن يحدث لنوقف تداعيات الانهيار فقد كنا هنا في الأردن نحاول احداث خرق في الاستعصاء السوري وسيكتب التاريخ ان هذه الأسابيع الثلاثة شهدت وراء الكواليس جهداً أسطورياً من الملك عبدالله الثاني الذي يصرّ على أن الحل هو الحل السياسي، وانه يقول في الولايات المتحدة، لا نوافق على تدخل عسكري في سوريا وانه حفظه الله حاول ويحاول مع الأسد لإعادة تقييم موقفه كما حاول الملك حسين مع الرئيس العراقي الراحل، واستعان وقتها بالرئيس الفرنسي ميتران، فقد كان، رحمه الله، يعرف حدود الكارثة التي يمكن ان يحدثها 850 ألف جندي أطلسي، وثلاث آلاف طائرة في العراق.
نقف أمام المشهد الدموي السوري وعندنا 55 ألف طالب لاجيء سوريّ في مدارسنا ونصف مليون في المعسكرات والمدن الأردنية، ونشهد بما يشبه الرعب، ماذا يجري في العراق، فالأشقاء على شفا الهاوية، وعلى ضفاف حرب أهلية بين السنة العرب والشيعة العرب، بين الكرد والعرب، بين إيران والجزيرة العربية، بين روسيا وأميركا، فقد استوعبنا اللجوء العراقي، لكننا هذه المرة لن نكون قادرين على استيعاب الكوارث السورية والعراقية – لا سمح الله – والمزيد من كارثة فلسطين!!.
سنحمل جراح الأُمّة، وجراحنا، ونسير في الطريق الذي اخترناه.. طريق التقدم والشجاعة والوضوح. ولن نتوقف، ولو للحظة، أمام الذين اختاروا أن يبقوا على رصيف الحياة. وأن يرشقوا القافلة بالحجارة!!.