المؤسسات الدولية تغذي المديونية وتطالب بتخفيضها
لم يعد صندوق النقد الدولي يقف طويلاً أمام صافي الدين العام ، أي بعد تنزيل ودائع الحكومة لدى البنوك ، فالدين العام بنظر الصندوق هو إجمالي الدين بصرف النظر عما قد تملكه الحكومة من ودائع في البنوك.
على هذا الأساس كان يقال أن المديونية في نهاية العام الماضي كانت تشكل 8ر84% من الناتج المحلي الإجمالي ، فأصبح يقال إنها تشكل 8ر93% من الناتج المحلي الإجمالي بسبب اختلاف طريقة الحساب.
الأهداف المقررة في برنامج الإصلاح الاقتصادي الجديد تهتم بإجمالي المديونية ، حيث المطلوب تخفيضه من 94% في نهاية 2015 إلى 77% من الناتج المحلي الإجمالي خلال خمس سنوات.
التخفيض المطلوب لن يكون في حجم إجمالي الدين الذين سيواصل النمو التدريجي طالما أن هناك عجزاً في الموازنة العامة ولكنه في ارتفاع حجم الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية الذي ُتنسب المديونية إليه.
الصندوق إذن لا يطلب المستحيل ، كما يبدو من طلب تخفيض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي من 94% إلى 77% ، فالناتج المحلي الإجمالي سوف يرتفع بسرعة نتيجة عاملين: أولهما النمو الحقيقي الذي يمكن أن يتجاوز 4% سنوياً ، والتضخم (أو المخفـّض) الذي يمكن أن يتراوح حول 3% ، أي أنه سيرتفع بما يناهز 7% أو 9ر1 مليار دينار سنوياً ، مما يوفر للخزينة مساحة معقولة للحركة والاقتراض الضروري.
المفارقة في هذا المجال أن الشهور الخمسة الأولى من هذه السنة شهدت ارتفاع صافي المديونية بمقدار 595 مليون دينار في حين أن إجمالي المديوينة لم يرتفع في الوقت ذاته إلا بمقدار 274 مليون دينار ، ويعود الفرق إلى سحب الحكومة على ودائعها في البنوك بمقدار 321 مليون دينار ، مما أثر على صافي المديونية ولكنه لم يؤثر على إجمالي المديونية.
في هذا المجال يلاحظ بأن المؤسسات الدولية التي تضغط علينا لخفض المديونية تتطوع لتزويدنا بالمزيد من القروض ، فالصندوق سيقدم لنا قرضاً ممتداً بمبلغ 900 مليون دولار خلال ثلاث سنوات ، والبنك الدولي يعقد شراكة معنا يقوم فيها بدور الممول ، ويقدم لنا خلال نفس الفترة قرضاً بمبلغ 4ر1 مليار دولار ، أي أننا سنتلقى 3ر2 مليار دولار من المؤسسات الدولية وحدها أي بمعدل 765 مليون دولار سنوياً.