ثلاثة مجالس اقتصادية تواجه المهمة الصعبة
استدعاء صندوق النقد الدولي من أجل برنامج للإصلاح الاقتصادي لا يعني أن الفريق الاقتصادي في الحكومة عاجز عن صياغة البرنامج وتحديد الأهداف والإجراءات المطلوبة بل يعني أن هناك قرارات تصحيح لا بد منها ، يعرفها الجميع ولكن أحداً لا يريد أن يقدم عليها وأن يتحمل مسؤوليتها ، أو يدفع الثمن السياسي الذي يأتي معها: حكومة رفع الأسعار حكومة الجباية إلى آخره.
وتشكيل مجلس للسياسات الاقتصادية بإشراف جلالة الملك لا يعني أن الفريق الاقتصادي المسؤول فاقد للثقة وغير قادر على رسم السياسات الاقتصادية اللازمة في الظروف الراهنة ، بل يعني أن جلالة الملك يريد أن يوظف رصيده الشعبي الكبير في دعم المشاريع والقرارات التي قد تتردد الحكومة في اتخاذها إذا لم يتوفر لها الدعم الكافي ، وبدلاً من أن يحكم الملك بواسطة وزرائه فإن الحكومة تحكم بواسطة الملك.
بين الفريق الاقتصادي العابر لحكومتين ، وفريق السياسات الاقتصادية الذي لم يبدأ أعماله بعد ، ننسى أن لدينا مجلس اقتصادي واجتماعي استشاري ، يضم عدداً من ذوي الخبرة الطويلة ، مناط به نفس المهمات ، وهو يكلف الخزينة حوالي 750 ألف دينار في السنة ولا يكاد يتواصل مع الرأي العام بأي شكل من الأشكال.
المجالس الثلاثة تواجه صعوبة هيكلية قد لا تقوى على التغلب عليها ، وهي عدم التوازن بين الموارد الشحيحة وعدد السكان الكبير ، فقد تضاعف عدد السكان 27 مرة في جيل واحد فهل كان ممكناً أن يتضاعف الناتج المحلي الإجمالي بنفس النسبة في الوقت نفسه لمواكبة هذه الطفرة السكانية غير المسبوقة. لمجرد المحافظة على مستوى الدخل المتدني أصلاً.
ليس لدى الفريق الاقتصادي أو خبراء صندوق النقد الدولي أو مجلس السياسات حل سحري يحقق هذه القفزة ويجسـّر الفجوة الكبيرة بين الموارد والسكان؟.
حتى الان كان يتم تجسير الفجوة عن طريق المنح الخارجية والقروض ولكن هذا الأسلوب غير قابل للاستمرار ، وقد وصل إلى طريق مسدود.
عدم التوازن بين الموارد والسكان هو المسؤول عن البطالة حيث لا يستطيع الاقتصاد الوطني أن يولد ماية ألف فرصة عمل جديدة سنوياً ، وهو المسؤول عن الفقر طالما أن دور الاردن المحدود الموارد لن يستقبل موجات بشرية عاتية مقابل معونات شحيحة ومؤقتة ، لدرجة أن عدد السكان كان يرتفع بمعدل 8% سنوياً خلال السنوات الخمس الاخيرة.