امتحان الثانوية العامة.. المستقبل خلفنا
واضح أن هناك مشكلة لا تزال تلاحق إمتحان الثانوية العامة , لكن هذه المرة لم تأت الإنتقادات من أهالي من أخفقوا في تجاوز الإمتحان بل من جانب عريض من أسر الناجحين وخبراء ومراقبين , والقبول الجامعي المنصة الأهم.
للسنة الثانية تنجح وزارة التربية والتعليم في رفع درجة الإنضباط في الإمتحان , فلا غش ولا تسرب للأسئلة ولا شغب أو تجاوزات تذكر , لكن الوزير الذي نال الإشادة والمديح , لهذه النجاحات أحرزها بمساعدة الشرطة التي تستنفر لحماية الإمتحان , غير غرس القناعة بالإلتزام بالإمتحان هيبة وأهمية لمستقبل التعليم عملية تحتاج الى جهد أكبر من مجرد تسليم أوراق الإمتحان للجان القاعات مختومة وتحت حراسة الشرطة.
يأتي ذلك كله في ظل تصاعد الدعوات لإلغاء الإمتحان الذي سيعود ليعقد عن سنة كاملة بإلغاء نظام الفصلين واستبعاد تخصصات وإحلال أخرى , وكل ذلك لا يزال يأتي في سياق التجريب.
لا أعرف كم من الدول التي لا تزال تعقد مثل هذا الإمتحان العام , لكن ما أعرفه هو أن دولا كثيرة تخلت عن أنظمة التلقين والحفظ على طول السنة من أجل بضعة أيام يضخ فيها الطلبة عصارة ما حفظوا.
إمتحان الثانوية العامة ليس فقط مجرد بداية لحقبة جديدة في حياة الطلبة , بل أصبح منصة لتجدد القصف نحو وزارة التعليم العالي والمعركة دائما تدور حول القبول والمقاعد والإستثناءات والتنافس المحدود وفي كثير من الأحيان لا يسعف المعدل المرتفع صاحبه أو صاحبته في الفوز بتخصص يرغب فيه.
مرة جديدة الخلل لا يبدأ مع امتحانات الثانوية العامة بل منذ الصفوف الأولى , والخلل في التعليم العالي ليس منقطعا بل هو مرتبط بتشوهات التعليم العام , فماذا فعلت وزارة التربية والتعليم للإصلاح غير إلغاء تخصصات فرعية وإبقاء أخرى بينما لا تزال القنبلة الموقوتة مخبأة وأشد علاماتها خطورة هي القذف بأعداد هائلة الى سوق لا يلبي طلبات العمل ما يعني أن كل الطاقات التي يبذلها هؤلاء الشباب والشابات تستنزفهم والمجتمع معهم بلا طائل طالما أن مصيرهم البحث عن فرصة عمل لا يجدونها وغالبا ما يعملون بغير تخصصاتهم.
سياسات التعليم العام والعالي لا يجب مناقشاتها في غرف مغلقة , باعتبار أنها من الأسرار فهي سياسات عامة تمس المجتمع بأكمله وشراكته فيها ضرورة لكن لا يجب أن نغفل أن النقاش المجتمعي حولها كان يخرج عن أهدافه ويتحول الى الإحتجاج والرفض.
هل تفكر وزارة التربية بخيارات إلغاء الإمتحان والإنتقال تدريجيا الى أسلوب التعليم الحديث الذي يحفز البحث والتفكير والإبداع , كل ما يجري هو تكريس لقالب قديم بجعله أكثر تعقيدا.