0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

رجال يُضرَبون في صمت.. دراسة فرنسية تكشف العنف المسكوت عنه ضد الأزواج

وكالة الناس -عندما تُناقش قضية العنف داخل الأسرة، تتصدر قصص النساء المشهد، وتحظى بدعم واسع، بينما تظل معاناة الرجال مخفية خلف جدار الصمت. يُطلب من الرجل أن يصمت، يحتمل الألم ويكتم صرخته، حفاظًا على ما يُسمى “رجولته” أو “هيبته”.

دراسة فرنسية حديثة من وحدة الطب الشرعي في مدينة نانسي تعيد فتح ملف العنف ضد الرجال، وتكشف واقعًا مريرًا: رجال يتعرضون لعنف جسدي ونفسي، يُجرحون و يُكسرون، ثم يُطالبون بابتلاع صراخهم في صمت.

قراءة في سجلات الطب الشرعي

على مدى الفترة بين 2019 ومنتصف فبراير 2024، خاض فريق طبي فرنسي بحثًا معمقًا في سجلات وحدة الطب الشرعي بمدينة نانسي. بحثهم لم يكن عن تبديل أدوار أو محاولة محاكاة، بل عن فهم أعمق لحقيقة مغمورة لا تُطرح عادةً في الأوساط الاجتماعية والإعلامية. قاعدة البيانات التي بدأت عام 2019 لا تمثل أرقامًا فحسب، بل سردًا لصراخ صامت لا يسمعه إلا من يمتلك القدرة على الاستماع.

استقبلت الوحدة، التي تُعنى بضحايا العنف بناءً على طلب الشرطة والدرك، 315 استشارة لرجال. انتهت الدراسة إلى توثيق 226 حالة كاملة تخص 215 رجلاً، منهم من تكرر حضوره بسبب العنف المستمر. تراوحت أعمارهم بين 18 و88 عامًا بمتوسط عمر 44 سنة، وشكلوا 11.39٪ من مجموع الحالات التي تعاملت معها الوحدة.

تعتمد الدراسة على تصنيف الباحث الأمريكي مايكل جونسون الذي يقسم العنف الأسري إلى نوعين رئيسيين: العنف المتبادل العرضي، الذي يحدث في إطار شجار دون قصد السيطرة ويصدر من أي طرف؛ والعنف الذي يسمى “الإرهاب الحميم”، حيث يصبح العنف أداة متكررة للهيمنة والسيطرة، مدعومًا بالتهديد المستمر والعزلة والإذلال.

سجلت الدراسة 92 حالة من النوع الأول، و46 حالة من النوع الثاني، بينما بقيت بعض الحالات غير مصنفة بدقة، متداخلة بين مشاعر متضاربة. على صعيد العنف النفسي، وهو السائد في هذه الحالات، سجل الأطباء 138 حالة تعرضت لتهديدات مستمرة، إهانات، عزل اجتماعي، وإذلال لا يقل وقعًا عن الجروح والكدمات التي كانت حاضرة أيضًا.

وأظهرت الدراسة أن حوالي نصف الرجال (49%) تقدموا بشكواهم بمبادرة شخصية، متخذين خطوة شجاعة للخروج من دائرة الخوف والصمت. أما الباقون فقد أُحضروا بطلب من السلطات. وأوضحت الأرقام أن 68% منهم يخوضون هذه التجربة للمرة الأولى، ولم يسبق لهم اللجوء إلى الوحدة أو الإعلان عن معاناتهم.

ألم متشابه من باريس إلى لشبونة
لا تنفرد وحدة نانسي بهذا الواقع، فدرسات أخرى في فرنسا، ألمانيا، والبرتغال تؤكد نسبًا متقاربة تتراوح بين 10 و15% من ضحايا العنف الأسري من الرجال. هذا يؤكد أن الظاهرة أوسع وأعمق مما تظهره الأرقام.

لكن التحدي الأكبر يكمن في كيفية استقبال المجتمع للرجال الضحايا، حيث يُعاملون أحيانًا كمذنبين عند إقرارهم بالتعرض للعنف، وتحيط بهم النظرات المشككة والسخرية، فضلاً عن الاتهامات المضادة، مما يجعل الاعتراف بالضعف اختبارًا أصعب من الجراح الجسدية.

وتدعو الدراسة إلى مراجعة النظرة المجتمعية تجاه العنف الذي يتعرض له الرجال، وتدريب المختصين على الكشف الدقيق للعنف بجميع أشكاله، النفسية والجسدية، بعيدًا عن الأحكام المسبقة. آن الأوان لتجاوز الصور النمطية التي تحصر الضحية في جنس دون الآخر، لأن الألم لا يعرف جنسًا، والصمت لا يحمي أحدًا.