رفع الحظر عن سفر الأردنيين برًا إلى سوريا .. ماذا يعني؟
وكالة الناس – الاستجابة التي حققها وزير الداخلية مازن الفراية، عندما أصدر مع بداية الأسبوع تعميماً بالموافقة على سفر الأردنيين براً إلى سوريا دون تصريح أمني مسبق، تعبر عن خطوة جديدة في مجال الانفتاح إلى أقصى مسافة ممكنة مع الإدارة الجديدة في سوريا بصيغة تعيد التأكيد على «سلسلة أضواء خضراء» مرجعية صدرت لكبار المسؤولين بـ «تشغيل» كل خطوط الإنتاج عملياً على طريق عمان- دمشق.
المفهوم هنا أن المؤسسات الرسمية الأردنية العليا والسيادية قررت تجاوز أسرع لمنطقة «التردد والتحفظ» وتأسيس «شبكة عملياتية» بعنوان «استعادة الثقة» والعمل مع السوريين بمعدل «أسرع» بعدما رفعت العقوبات الأمريكية لمدة 180 يوماً قابلة للتجديد، وذهب «الأصدقاء الأوروبيون» لما هو أبعد من ذلك قبل الأمريكيين.
وزير الداخلية الفراية، كان قد أشار عدة مرات وفي عدة مناسبات إلى أن العلاقات مع «الشقيقة سوريا «تسير بخطى واثقة نحو «المستقبل» وبما يضمن مصالح الشعبين.
وبناء عليه، يصبح القرار الأردني بخصوص السماح للأردنيين بالسفر براً إلى دمشق وبقية المدن السورية صفحة جديدة خططت جيداً لمنطقة تفعيل وتنشيط لا ترتبط حصراً بمنهجية «دعم سوريا وتمكينها وإسناد استقرارها» التي تحدث عنها سابقاً أيضاً وزير الخارجية أيمن الصفدي، بل تمضي نحو «اقتناص» فرصة لا يمكن إغفالها في مجال المصالح الاقتصادية الأردنية المباشرة بعدما تقدم الرئيس السوري أحمد الشرع بالشكر علناً للأردن على «دوره ودعمه».
الوزير الفراية رفع الحظر عن سفر الأردنيين براً في سياق ذلك التسريع والتنشيط على الأرجح.
وكان البروتوكول المعتمد لأسباب أمنية وجمركية يقضي بأن المواطن الأردني يستطيع السفر جواً إلى سوريا بعد تدشين وتنشيط وتفعيل مطار دمشق الدولي بدون تصريح مسبق، خلافاً للحدود البرية.
الإجراء في الماضي كان هدفه السيطرة على نشاطات وفعاليات فئة «البحارة»، أي الذين ينشطون في مجال «تمرير البضائع والمنتجات» عبر الحدود خارج النظام الضريبي.
لم تعرف بعد ما هي تقديرات وزارة الداخلية الأردنية بخصوص السيطرة على أي نشاط لـ «تهريب البضائع» في المرحلة اللاحقة.
لكن الخبراء يتحدثون عن نشاط شريحة البحارة باعتباره إشارة متقدمة على عافية اقتصادية لها مساهمات لا يمكن إنكارها في دفع حتى العلاقات التجارية النظامية إلى الأمام، لأن العلاقات بالعادة بين المدن الحدودية من الصعب الإصرار على السيطرة عليها دوماً.
الانفتاح يأخذ مساحة واسعة الآن، شعبياً ورسمياً، ما بين عمان ودمشق في إطار التواصل الدائم بين قيادتي البلدين.
وما يقوله الإجراء المعلن الأحد ضمناً للأردنيين أنهم يستطيعون زيارة دمشق التي لا تفصلها ساعتين براً عن مدينة إربد شمالي البلاد بيسر وسهولة في تطبيق قد يخدم أيضاً عودة السوريين لبلادهم في نهاية المطاف.
جلالة الملك عبد الله الثاني تواصل قبل أيام قليلة هاتفياً مع الرئيس أحمد الشرع، والأسبوع الماضي، توجه وفد أردني وزاري رفيع المستوى وشارك في اجتماعات اللجنة الوزارية العليا.
ما أعلن عنه الأسبوع الماضي أيضاً قد يكون الأهم، وهو تشكيل مجلس التنسيق الأعلى بين البلدين.
ورغم أن مهام مجلس التنسيق الأعلى لم تحدد علناً على الأقل، لكن الوزير الصفدي وبصفته نائباً لرئيس الوزراء هو الذي ترأس الوفد الأردني الذي زار دمشق لأول مرة منذ حصول التغيير الثوري فيها وقاد سلسلة من الاجتماعات.
لكن قرار وزير الداخلية السماح للأردنيين بالسفر براً إلى الداخل السوري عبر طريق عمان دمشق الشهير هو بمثابة تأطير بل مؤشر على تنسيق عملياتي جديد يدفع بالعلاقات التجارية والشعبية إلى أقصى مساحة ممكنة، خصوصاً أن العائدين من الأردنيين من دمشق يتحدثون عن حاجة أسواقها لكل السلع والمنتجات، ما يوفر فرصاً تجارية لا يستهان بها.
الواضح أن السيطرة والكنترول على المعابر الحدودية عملياً بالاتفاق مع السلطات التركية هو الذي سمح بتنشيط المعابر الحدودية على الطريق الدولي بين عمان والعائدون مؤخراً يتحدثون عن نظام إلكتروني جديد ودقيق للسيطرة على حركة عبور المواطنين السوريين والأردنيين والسياح والزوار، تمت عبره الاستعانة بشركة تركية متخصصة، وهو أمر يوحي بأن الإطار الذي اقترحه الوزير الصفدي في أنقرة بخصوص التعاون الثلاثي التركي الأردني السوري في إطار دعم إنتاجية أو خط إنتاج سوريا الجديدة أصبح أساساً للتعاون في النطاق العملياتي.
حجم الانفتاح السياسي الذي يمارسه الأردن مع النظام السوري الجديد حالياً سمح للقطاعات الخاصة في الدولتين بالانفتاح أكثر، وهذا ما يمكن فهمه من خلال التصريحات التي أطلقها رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق صباح الأحد قبل ساعات من توجهه على رأس وفد عريض يمثل القطاع التجاري الأردني ولأول مرة إلى دمشق منذ سنوات طويلة. الحاج توفيق وصف زيارة الوفد التجاري الأردني العريض الذي يترأسه إلى دمشق بأنها تاريخية بعد انقطاع التواصل الحقيقي بين مؤسسات القطاع الخاص في البلدين لأكثر من 14 عاماً.
الفكرة هنا وفقاً للحاج توفيق، أن هناك رغبة قوية من القطاع التجاري في عموم البلاد لبناء هيكل جديد من التعاون والتنسيق مع النظراء التجاريين في سوريا، والمساهمة في المرحلة الجديدة التي دخلتها سوريا، والاستفادة أيضاً من الفرص المتوفرة في مختلف القطاعات الاقتصادية من خلال شركات حقيقية مع الجانب السوري.
أظهر الحاج توفيق قبل ساعات من توجهه إلى دمشق، حرصه الشديد على دعم أي إطار هيكلي يعيد سوريا إلى الحضن العربي، ويقود إلى نمط من الاشتباك الإيجابي المنتج بين الشعبين الشقيقين والقطاع الخاص في البلدين، معتبراً أن اللحظة الحالية مواتية لسوريا الجديدة.
وللأردن دور أساسي في دعم استقرار سوريا الأمني العام، وتقديم خبراته، وإنتاج مساحات مشتركة على أساس ليس فقط تبادل الخبرة ولكن استقرارها، معرباً عن تفاؤله بنتائج أول زيارة لوفد عربي يمثل تجمع الغرف التجارة يزور سوريا بعد سقوط النظام السابق.
القدس العربي – بتصرف