عيون لا تنام… الأردن يحرس أمنه بإرادة لا تلين”
كتب – مأمون الخوالدة
في قلب منطقة ملتهبة بالأزمات والتحديات، يقف الأردن نموذجًا استثنائيًا في تحقيق الأمن والاستقرار، متفوقًا على التوقعات، ومتجاوزًا التحديات بفضل يقظة أجهزته الأمنية ووعي قيادته وشعبه. ما يحدث في الأردن من صحوة أمنية ليس بالأمر العادي، بل هو معجزة حقيقية في زمن تتلاشى فيه الحدود بين الأمن والفوضى. فمع تنامي خطر التهريب والإرهاب على حدوده الشمالية والشرقية، ورغم الضغوط الاقتصادية والسياسية، تبقى الأجهزة الأمنية الأردنية على قدر المسؤولية، عيون لا تنام، ورجال لا يتراجعون أمام الخطر.
منذ سنوات، والأردن يخوض معركة صامتة لكن حاسمة على حدوده، حيث تسعى عصابات التهريب لتمرير المخدرات والأسلحة والمواد المحظورة إلى الداخل الأردني أو عبره. ورغم تطور أساليب التهريب من حيث الوسائل والتمويه، فإن الرد الأردني لا يقل تطورًا، بل يفوقه دقة واستباقًا. عمليات الضبط اليومية، والمواجهات الحاسمة، وما يُكشف عنه بين الحين والآخر من ضبط شحنات ضخمة أو تدمير طرق تهريب، كلها تؤكد أن اليد الأمنية الأردنية حاضرة بقوة، وأن لا تساهل مع من يهدد أمن الوطن.
الأردن لا يواجه التهريب فقط، بل يقف أيضًا بوجه الإرهاب بكل أشكاله، معتمدًا على جهاز استخباراتي يعتبر من الأكثر احترافًا في المنطقة. مرّ الأردن بتجارب مؤلمة، لكنه تعلم منها وأعاد ترتيب صفوفه، فأصبح اليوم قادرًا على كشف الخطر قبل أن يتحرك، وعلى تفكيك الخلايا الإرهابية قبل أن تنفّذ أهدافها. في هذا المشهد، لا يمكن تجاهل التناغم الكبير بين مختلف الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها القوات المسلحة، ومديرية الأمن العام، والمخابرات العامة، وجهاز الدرك، وهي أجهزة تعمل ضمن منظومة متكاملة يحكمها الولاء والانتماء والانضباط.
اللافت في النموذج الأمني الأردني هو الدعم الثابت من القيادة الهاشمية، وعلى رأسها جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي لم يتوقف يومًا عن توجيه الدعم والتطوير والتحديث لقوات الأمن، حرصًا على جاهزيتهم الدائمة، سواء من حيث التدريب أو التجهيز أو الإسناد اللوجستي. في الوقت ذاته، نجد أن الشعب الأردني يشكّل العمق الاستراتيجي لهذه الصحوة الأمنية، حيث أصبح المواطن شريكًا فعليًا في حماية الأمن، يبلّغ، ويشارك، ويقدّر الجهود المبذولة لحمايته.
هذا التلاحم بين القيادة والأمن والشعب جعل من الأردن قلعة أمن واستقرار في محيط مضطرب. فالحدود المضطربة، والملفات الإقليمية المفتوحة، لا تزيد الأردنيين إلا ثباتًا، ولا تزيد الأجهزة الأمنية إلا إصرارًا على النجاح في أداء مهامها. وإذا كان هناك من دروس يمكن استخلاصها من التجربة الأردنية، فهي أن الأمن لا يُبنى بالصدفة، بل بصبر وإخلاص وتخطيط، وأن الرجال الأوفياء هم الركيزة الحقيقية لكل استقرار.
ختامًا، لا يسعنا إلا أن نرفع القبعة احترامًا لرجالنا البواسل، الذين يسهرون ليحيا الوطن آمنًا، ويضحون ليبقى الأردن ثابتًا وشامخًا. رحم الله من ارتقى فداءً لترابه، ووفق من بقي على الثغور حارسًا أمينًا، ودام الأردن وطنًا آمنًا عزيزًا بقيادته وجيشه وشعبه.