موسم الإضرابات
نقابة العاملين في الكهرباء ستنظم وقفة احتجاجية وفي جعبتها خطوات تصعيدية لاحقة لإجبار الحكومة تنفيذ مطالب المنتسبين إليها.
هل كانت هناك مفاوضات وصلت الى طريق مسدود ؟ , كل ما فعلته النقابة هو أنها ألقت على طاولة الحكومة مجموعة مطالب لا تخضع للنقاش ولا للرفض.
في جعبة الشركة دراسة علمية مقارنة حول أوضاع العاملين في شركات الكهرباء وظروفهم وبيئة العمل والرواتب والإمتيازات وغيرها , يجب أن تعلن للرأي العام الذي تخاطب النقابة دعمه لخطواتها حتى يتبين ما إن كانت محقة أو أن ظلما وقع أو العكس وقد إختارت النقابة توقيتا حرجا لتنفيذ إضرابهم فالبلاد تمر بأوضاع إقتصادية صعبة مقابل مطالب بتحسين أوضاعهم , وهو مطلب سبقهم اليه موظفون في شركات دوائر أخرى وقطفوا ثماره بزيادات مجزية ومجانية ولسان حالهم يقول , لماذا يصل الأمر الينا ويتوقف؟.
هذا سؤال منطقي لكننا لا نوافق عليه , ولم يسبق وأن وافقنا الحكومة في علاجها لما سبق من إضرابات , فقد فتحت خزائنها ولبت مطالب كل من اضرب أو إعتصم في مختلف دوائر ومؤسسات الدولة , حتى أن بعضهم حصل على ما هو أكثر من زيادات على الرواتب لم يكن الحصول عليها فيما مضى سهلا .
إستفادت نقابة العاملين في الكهرباء من مشهد ليس ببعيد عندما هبت الدولة بكل أركانها الى ذيبان لحل مشكلة عدد من المتعطلين عن العمل فهذه شركات تقدم عروضا مجزية لإنتشالهم من البطالة والدولة قد إنغمست كليا في تحليل المشكلة وأبعادها الإجتماعية , وقد إجتهدت النقابة في قراءتها للمشهد كمدخل لتحقيق مطالب صعبة على وقع مهددات النسيج الإجتماعي وصداع لا تحتاجه الدولة في هذا الوقت !!.
كان يفترض بالحكومات المتعاقبة التعامل بتفريق بين المطالب المحقة لعاملين وموظفين وبين مطالب تفتقر لأدنى درجات المشروعية , لكن فوضى الإضرابات بمناسبة وغير مناسبة سمح بالاستقواء , فأصبح حال الحكومة كحال المثل القائل « أكلت يوم أكل الثور الأبيض «.
الاحتجاجات العمالية تسعى الى فرض شروط إنتاج جديدة في مقدمتها الأجور والخلل فيها يعود الى إرتفاع تكاليف المعيشة , , لكن الفارق هنا هو أن الإختلالات التي يعاني منها القطاع العام إضافة الى تدني الأجور هو مشروع إصلاح القطاع العام الذي أريد له أن يكون بديلا عن الإصلاح الحقيقي وهو الإصلاح الإقتصادي فزاد الطين بلة ولا يستطيع عمال الكهرباء في شركات الحكومة إنكار مجموعة من الإمتيازات التي رتبت ظروفا وبيئة عمل أفضل كثيرا من نظرائهم حتى في القطاع الخاص . .
لا يلتفت العمال الى أوضاع الشركة التي تحاول أن تلملم نفسها لتنهض من جديد وهم لا يلتفتون الى الأضرار التي تتكبدها الشركات نتيجة الاضراب , ولا يتوقفون ليسألوا أنفسهم من أين ستأتي الشركة بالمال لدفع رواتبهم وإمتيازاتهم وحتى تلبية مطلبهم ما دام الانتاج فيها متوقفا .