ليلى تلحق جدّتها..
منذ الطفولة كانوا يروون لنا القصص والحكايات التي تنتهي بانتصار الخير على الشر وكنّا نبتسم على النهاية السعيدة وننام ، وعندما كبرنا عرفنا الحقيقة و»انفقسنا»وعرفنا أن هذه النهايات غير موجودة سوى في القصص الملونة والمجلات المصقولة، فلم نعد نقوى على الابتسام او النوم..
لو أنهم لم يزرعوا فينا قناعة انتصار الخير وحتمية علّوه وسحقه لقوى الشرّ، لو تركوا لنا الباب موارباً قليلاً …لما أُصبنا بكل هذه الأمراض المزمنة و«حرقة الدم» والقتال والإحباط وفقدان الأمل المصاحب لآلام المقاومة والمعارضة..
في قصة ليلى والذئب مثلاً ، أكلنا أكبر مقلب في حياتنا ، ففي الوقت الذي تتسارع فيها الأحداث ؛ بعد أن يبتلع الذئب الجدّة ،ويرتدي ثيابها وسروالها وينام على سريرها يحاول أن يستدرج الصغيرة ليبتلعها أيضاَ…وبين «هضم العجوز» و الاستعداد «للتحلّي على الطفلة».. تبدأ الأسئلة الساذجة من «ليلى الهبلة» لماذا أسنانك «حادّة» يا جدتي ؟ ولماذا أظافرك «طويلة»؟ لماذا صوتك مبحوح؟ الخ ..ولك في حدا ما بيعرف «سحنة» جدته يا ملعونة الحرسي؟.. المهم في هذه الأثناء وقبل الانقضاض على ليلى..حضر «الوالد» بسلامته إلى الكوخ في الوقت المناسب ، قتل الذئب اللعين وسطح بطنه ليخرج «الحجّة» كاملة مكمّلة من أحشاء الذئب ومسبحتها بيدها، فتفرح ليلى بعودة جدتها سالمة غانمة ، بعد أن أنقذها أبوها البطل من الموت المحقق..بسذاجة زائدة كنّا نفرح لوجود أب قوي وصنديد ويأتي في الوقت المناسب ليخلّص «ليلى» البريئة والجدة الحكيمة من أسنان الذئب الجشع ويقضي عليه إلى غير رجعة…
بعد أن كبرنا ومع «دعك» الأيام ،اكتشفنا غير ذلك، فالقصة لم تنته كما أخبرنا بها الآباء وتلفزيونات الأبيض والأسود …فبعد أن «زرط» الذئب الجدة عاد وأكل ليلى ، ثم أكل «الوالد» على نفس واحد ، وباع «الكوخ» وأراضي أبي ليلى ، وتزوّج ام ليلى وعاش «مترفاً»..وما زال ينجب حتى اللحظة ذئاباً بشرية..
ثمة رواية أخرى،لكن سندها ضعيف تقول: أن الذئب كان على اتفاق مسبق مع الوالد..ليقتسموا ورثة الجدّة ويبيعوا كوخها و»يتبزبزوا» فيها لآخر العمر…
هذا والله اعلم…
ما يهمنا من القصة…أن جدّة ليلي «أكلت» ..
وما يهمنّا أكثر..أن ليلى «لحقت»جدّتها.