السؤال الدائم
يغيب «كل يوم» كما تغيب اشياء كثيرة في يومياتنا، ولا نسأل أو نتابع.. فنحن نكتب منذ خمسين عاماً كل يوم، هنا وفي صحافة أخرى احيانا، ولا يهم غياب المقال الواحد لان صلة الناس ببعضهم غير قابلة للقطع والوصل وذاكرة الناس تفاجئك حين يذكرك احدهم بانك قلت كذا وكذا وتحاول ان تتذكر.
ونتذكر كامل مروة، مؤسس وصاحب «الحياة» إذ كتب في زاويته المتواضعة الحجم: قل كلمتك وامش!!. ان والياً عثمانياً في بغداد دفع مالاً كثيراً للصدر الاعظم لكي يكون والياً. ولذلك حاول استرداد ما دفعه في اسرع وقت. جاء بسرج صغير يشبه سرج الحصان ووضعه على ظهر كلبه. وحين جاء زعماء السُنّة والشيعة للتهنئة سألهم عن «احجيته»: أهذا كلب أم حصان؟».
قال كبيرهم هو طبعا كلب فغضب الوالي كيف يكون كلبا وعليه سرج حصان اتحسبونني مجنوناً. عليكم غرامة كذا ألف ليرة عثمانية.
وحين جاء كبار المسيحيين للتهنئة وقد سمعوا بالقصة، جاء جوابهم بأن: هذا حصان طبعاً. فغضب الوالي: حصان لمجرد أن على ظهره سرجاً يشبه سرج الحصان.. انه كلب!. وغرامتكم كذا ألف ليرة عثمانية.
وحين جاء كبار يهود بغداد للتهنئة وقد سمعوا بالقصتين سألهم بجنس هذا المخلوق الذي يعوي وعلى ظهره سرج الحصان. فقال كبيرهم بعد أن مد يده الى جيبه واخرج كيساً من الذهب العثماني: هذا يا سيدي الباشا لا كلب ولا حصان انه.. بلاء من الله.
رواية كامل مروة الذي دخل «قومي عربي» مكتبه واطلق عليه الرصاص.. وهو احد زعماء الاحياء في بيروت، كان يكتب القصة المثيرة ليسأل قارئه ما الفرق بين الرئيس عبدالناصر والرئيس عبدالكريم قاسم.. في عز عدائهما.. وبلاء القتل الذي انتهت اليه ثورة 14 تموز..
وخاصة بعد ثورة الشواف في الموصل. فلأول مرة يعلق المئات على اشجار الشوارع. وها هي الموصل تنتظر، بعد مذابح تسليم المالكي لها، مذابح تحريرها من داعش. ويبقى السؤال الخالد الذي سأله والي بغداد العثماني قائماً: أهذا كلب أم حصان؟!.