ستبقى في قلوبنا … إصدار حديث يتناول سيرة الدكتورة “مريم اللوزي”
وكالة الناس – نحن هنا أمام تجربة محيّرة، في طريقة إبراز السيرة الذاتية بطريقة مثيرة بعيدةً عن النفاق الأدبي، ومتأصلةً باللغة التي طالما أبدعت من خلالها الفقيدة مريم اللوزي، فترانا نتساءل كيف لزوجٍ أن يسرد سيرة زوجته دون أن تأخذه العاطفة، ودون أن يحول في كتاباته إلى التأقلم مع سياق الأدب النثري ودون أي مجاملة أدبية، وخصوصاً حين يكون المكتوب عنها زوجة اولاً وسيدة مجتمع كمريم اللوزي التي عرفت بقوة شخصيتها وعصاميتها وإغراقها في العطاء، ذات الحسب والنسب والعلم والأدب.
بهذا استهل الأديب جروان المعاني مقدمته في كتاب صدر حديثاً يتناول سيرة الدكتورة مريم اللوزي، التي تركت أثراً بالغاً في المجتمع الأردني والبيئة التربوية والسياسية، عبر مراحل حياتها منذ الطفولة وحتى الوفاة.
أهل الدكتورة مريم أعدوا الكتاب متتبعين مراحل حياتها عبر الانتقال المتقن بين الحياة الخاصة التي عاشتها في مراحل طفولتها وما عانته بعد وفاة والدها، مستحضرين جمال الطفلة البدوية الأصيلة التي تعكس الصعوبات التي واجهتها في تلك الحقبة، وما كانت تعانيه للوصول إلى الحلم الذي أراده والدها لها، وبين الشأن العام بعدة محطات وأحداث تربوية واجتماعية وثقافية وسياسية عاشتها في تلك الفترة مع عائلتها ومع المجتمع المحيط، مظهرةً بذلك الحضور الملحوظ لشخصيتها المتوافق عليها من المجتمع المحيط، وما كان لها من أثر واضح في بنائها الذاتي والمعرفي، والدفاع عن القضايا المهمة التي كانت تحاول معالجتها وخاصة الجانب الخاص بالتربية والتعليم ومسيرتها المهنية وبين الحياة البرلمانية ثم ما عانته من حالة مرضية لم تؤثر على قدرتها على التواصل والتجاوب مع البيئة المحيطة. لينتقل بنا السرد من ذكرى إلى أُخرى وسط تفصيلات صغيرة ودقيقة للأمكنة وأجواء الحياة في المدينة، وأماكن بقيت ذكريات في مخيلتها إلى حينٍ طويل. وكأن الكتاب دعوة للقارئ كي يسير مع الدكتورة مريم بتفاصيلها التي لم يكن ليعرفها أحدٌ من أقرب الناس إليها لأبعدهم.
الكتاب يتحدث عن مرحلة الطفولة والدراسة المبكرة بطريقة أشبه بالرواية البسيطة الجميلة، مفصلاً للصعوبات التي كانت تواجهها في الانتقال بين منزلها ومدرستها والاهتمام بأفراد عائلتها. ثم يتناول مريم المعلمة وتجاربها الناجحة في البيئة التربوية وما أنتجته خبرتها التي جعلت منها أنموذجاً مميزاً بإنجازاتها في مجال التربية والتعليم والتحصيل العلمي لطالباتها. وبطريقة عاطفية مرحلة مريم الأم، وما كرسته لعائلتها لإنجاح مسيرتهم، والتوفيق بين الرعاية والاهتمام ومسؤولياتها خارج المنزل.
أخيراً يسرد الكتاب المسيرة النيابية للدكتورة اللوزي مستذكرين مآثرها وقضاياها التي تبنتها في أروقة البرلمان التي طالما حاولت أن تحصحص الحق في خطاباتها ودفاعها عن قضايا الوطن والمواطن.
وفي نهاية الكتاب، استذكر محبوا الدكتورة مريم مسيرتها، من خلال افراد باب كبير لشخصيات كبيرة ومتنوعة استذكروا مآثرها أو رثائها وليقولوا لها ستبقي في قلوبنا.