من السلام البارد إلى شهر العسل!
ندرك أنه لا لقاء أيديولوجيا بين مصر وإسرائيل الآن، ولكم كان تخوف الأخيرة كثيرا حينما تسلم مرسي الإخواني زمام السلطة في مصر، بل اجتهد الرئيس المصري وحاشيته أن ينأوا بأنفسهم عن لقاء اي مسؤول إسرائيلي، وتجنب الرئيس ما وسعه الأمر حتى ذكر اسم إسرائيل!
الحقائق على الأرض تعكس واقعا آخر، بخاصة منذ رعت مصر/مرسي توقيع اتفاقية التهدئة بين العدو الصهيوني وحماس، في الجانب السياسي العلاقة بين مصر وإسرائيل في حدها الأدنى، لكن في الجانب الأخطر والأهم، وهو الجانب الأمني، يصف مسؤولون إسرائيليون العلاقة بأنها «شهر عسل» وهي مفارقة هائلة، حين يستدعي المرء طبيعة العلاقة التي كانت سائدة ايام مبارك، التي كانت توصف بأنها مرحلة «السلام البارد» رغم الدور الكبير الذي لعبه مبارك في كونه اكثر حلفاء إسرائيل العرب فاعلية وتأثيرا وقربا منها، اليوم مرسي بعيد عن إسرائيل سياسيا، ولكنه قريب إلى حد إثارة النقمة، من هذا الكيان في الجانب العملياتي الأمني، وتلك مفارقة لافتة، ربما تعود إلى عدم إحكام قبضته على مفاصل ومؤسسات الدولة، ومنها المؤسسة الأخطر والأقوى: الجيش القوى الأمنية، ولا نريد أن نقول أكثر!
موقع «واللا» الإخباري العبري ينقل صباح أمس الجمعة عن مسؤولين كبار في المنظومة الأمنية الإسرائيلية أن العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين الإسرائيلي والمصري بدأت تنعكس بالإيجابية بخاصة بعد انتهاء العدوان الأخير قطاع غزة، والعملية التي أودت بحياة 16 جندياً مصريا في أغسطس آب الماضي، مظاهر «تحسن» العلاقات وفق هؤلاء تصب لصالح الجانب الإسرائيلي من خلال منع الجيش المصري تهريب السلاح إلى قطاع غزة، ويقولون انه منذ الانتهاء من العملية التي يسمونها «عامود السحاب» لم يدخل إلى قطاع غزة أي صورايخ بعيدة المدى، كما أن عمليات إدخال السلاح قد انخفضت بشكل ملحوظ خلال تلك الفترة، و»الفضل!» في ذلك يعود إلى إشراف وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي بنفسه على هذا الموضوع. ويعيدون هذا الأمر إلى العملية التي أدت إلى مقتل 16 جندياً من الجيش المصري، حيث أصبح كل من الجيش المصري والمنظومة الأمنية بكاملها يدركان أهمية التعاون المشترك مع إسرائيل، حسب قول مسؤول أمني إسرائيلي، ووفقاً لهذا المسؤول فإن الجيش المصري والأجهزة الأمنية في مصر قد أبدت استعدادها للتعاون الكبير والمشترك مع الإسرائيليين، بل أن الفترة الماضية شهدت تحسناً كبيراً في العلاقات بين الجيشين المصري والإسرائيلي من ناحية التنسيق الأمني، واصفاً تلك العلاقات بــ»شهر العسل»!
الصورة التي يرسمها المسؤولون الإسرائيليون لعلاقتهم مع نظام مرسي الآن، تصيبنا بكثير من الانفصام، والدهشة، وربما بما هو أكثر من ذلك، رغم الظروف «الاستثنائية» التي تمر بها مصر إجمالا وحالة عدم الاستقرار التي تلقي بظلالها على كل شيء!
من كان يصدق أن يكون ثمة «شهر عسل» بين نظام إخواني وكيان العدو الصهيوني الغاصب الإمبريالي!
hilmias@gmail.com