المحافظ يحاضر في جمعية البنوك
محافظ البنك المركزي قليل الكلام ,لكنه يختار مناسبة سنوية تعقدها جمعية البنوك ليستفيض والحديث عن أداء الإقتصاد عن سنة مضت وتوقعات المستقبل .
سنترك كل ما تضمنته المحاضرة من إيجابيات بدءا من صمود الإقتصاد في وجه التحديات أو الصدمات ونجاح الإصلاحات الإقتصادية وتراجع الدولرة وبناء احتياطيات مريحة من النقد الأجنبي وكفاءة الجهاز المصرفي وآفاق النمو والسيطرة على العجز وغيرها من الإيجابيات الى ذكر بعض السلبيات وفق ما ألمح لها المحافظ شخصيا ووفق بعض الإستنتاجات .
تلتقي سياسة البنك المركزي – نقدية – مع سياسة الحكومة المالية – وزارة المالية – عند تقاطع واحد وهو برنامج الإصلاح الإقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد , رغم أن نقاط الخلاف مع الصندوق عند المركزي أكثر مما هي من جانب المالية , خصوصا في توقعات النمو وفي ضبط الإنفاق وفي آليات السيطرة على العجز ومن ذلك الدخول في محاذير التوسع في الإقتراض .
البنك المركزي مؤسسة مسؤولة كلماتها موزونة بالذهب لأنها تعطي انطباعا عن واقع الإقتصاد وآفاقه المستقبلية ويأخذه المستثمرون والمودعون والمواطنون موضع الجدية ليس من باب الإطمئنان فقط بل لبناء اتجاهاتهم المستقبلية , وباختصار أكثر هي تصريحات ليست معلقة بالهواء وليست تجميلية مثل تلك التي تخرج من أفواه الوزراء .
بدا المحافظ متفائلا لكنه لم يغفل أن يمنح هذا التفاؤل طابعا شخصيا وإن كان قد قدم من المعطيات ما يمنح تفاؤله بعض الواقعية , فمن وجهة نظره تبدو كل الإجراءات مناسبة لتحسين الأوضاع الإقتصادية لكن من وجهة نظرنا فإن ما ينقص هذه الإجراءات هو أدوات التنفيذ وتطبيق القوانين المحفزة من دون تفسير يخضع لأهواء ووجهات نظر من يتولى مهمة التطبيق ومن ذلك الحديث الطويل عن إجراءات تحفيز الإستثمار الذي يفترض به أن يكون الوعاء لحل مشاكل البطالة في صفوف الأردنيين ومنح مساحة كافية لتشغيل اللاجئين وفق مقررات مؤتمر المانحين في لندن .
البنك المركزي يد بينما تتجمع في قبضة اليد الأخرى عشرات من المؤسسات الحكومية وهي ليست كلها على قلب رجل واحد , هذا ما نراه ونسمعه يوميا من شكاوى المواطن الذي يريد ان يشتري شقة أو يفتتح بقالة وانتهاء بالمستثمر الذي يريد أن يرخص مصنعا أو يجدد ترخيص مصنع أو شركة .
على سبيل المثال لا يزال الإقتراض المحلي مكلفا , ومعروف أن عددا من رجال الأعمال قرروا الإقتراض من الخارج بالدولار للإستفادة من أسعار الفوائد المنخفضة , ومع ذلك لم تعدم دوائر الضرائب وسيلة لإستيفاء الرسوم فقررت معاملة المال المقترض من الخارج كبضاعة تستحق الضريبة .
لا ننتصر هنا الى سياسة وننتقد أخرى بل ننتصر للتحفيز كرد على التحديات , فالفرص جديرة بأن تلاحظ , بالرغم من محاذير الاضطرابات في المنطقة بأن نسعى لتحويلها الى عوامل قوة .