هل تعلّم النواب من التجربة؟
قال الشّاعر أرشيبالد ماكليش (1892-1982) ذات مرة :»هناك شيء واحد أكثر قليلا ايلاما من التعلم من التجربة، وهو عدم التعلم من التجربة» والقادة الذين يتعلمون هذه الحقيقة يصنعون سجلا من الانجازات القوية الحضور في ذاكرة الناس والذي يظلُّ مستمراً مع مرور الوقت.
وقد جرّبنا في التجربة السابقة لمجلس النواب، أن منح الثقة الكبيرة لحكومة ما كان ذا نتائج سلبية على صورة المجلس السادس عشر، وأن محاولة التّدارك للحصول على براءة من الشعب على الخطأ لم تـأت بجديد لا بل أزمت الوضع آنذاك، والاستنفار النيابي الذي حصل يومها تجاه القوانين التي عرضت وأقرت أو ناقشتها اللجان مثل قانون المالكين والمستأجرين والضمان والضريبة وحتى الانتخابات، ظلت في مستوى متدنٍ من التفاؤل ولم تخرج البلد من والشّارع من حالة الغضب والندب المسمتر على أداء المجلس.
وكانت النتيجة أن حُلّ المجلس، وعاد منه نحو57 نائبا للمجلس الحالي، والناس بالرغم من أنّ ذاكرتهم قصيرة غالبا، إلا أنهم يتذكرون نوابا بعينهم كانت لهم تصرفات ومسلكيات أضرت بصورة المجلس العامة، واليوم تتكرر نفس المشكلة، هناك فرحة كانت لدى بعض النواب الجدد بالحصول على مقعد رئيس لجنة، والبعض منذ الاجتماع الأول مع لجنته حقق الصدام، وكانت النتيجة التي حصلت في لجنة الطاقة قبل اسبوع وأدت إلى ذهاب جاهة نيابية لمضارب أحد العشائر المحترمة، مؤشرا على مآل غير مطمئن لاداء بعض رؤساء اللجان.
والمهم أنّ المجلس الحالي وإن جاء بانتخابات لم تحقق اجماع كل الاردنيين بالذهاب لصناديق الاقتراع، مطلوب منه أن يُحدث فرقاً جوهرياً، لا في عمل المجلس علاقته مع الحكومة وفي مناقشة القوانين والتشريعات الجديدة وحسب، بل في منح الديمقراطية الأردنية صفة الأداء النيابي الجيد والمقبول.
التجربة التي تعلمناه في المجلس السابق، أن السلوك النيابي يجب ان يكون اكثر رشدا في حالة المعارضة وفي حالة التأييد، وأن النواب الذين امتازوا بالحنكة والهدوء والعمل بروية ووفروا خبراتهم لمصلحة العمل العام وفي التوجيه الإيجابي اثناء النقاش البرلماني كانوا الأكثر احتراما في علمهم وفي رأي الإعلام وعند الناخبين.
اما الألم الذي لم نتعلمه من التجربة السابقة، فهو ما يحدثُ اليوم في مجلس النواب، وهو السلوك التمثيلي لبعض النواب، وكأن المرء يشاهد فيلما ما، وبعضهم تبدو عدم ثقته بما يقول وما يتوعد به الحكومة واضحة، لأنه مدرك بأنه في لحظة ما سيتراجع عن قوله أو موقفه.
ومع ذلك، يظل مجلس النواب الحالي أفضل من سابقه في مجمل عناصر القوة، فهو مثل أي جيش يدخل معركة ما، إذ لدينا مجلس نيابي اكثر عدد مما سبق، وأكثر ثراءً في مجمل الخبرات، واوسع تمثيلا بنسبة العدد النيابي للسكان، وفيه من التنوع ما يعزز صلابته، وهذه الصفات لو كانت موجودة في أي جيش لكانت مؤهلة له للانتصار، فهل يدرك النواب انهم أمام فرصة يستحقها الشعب والدولة معا لكي تعظم الديمقراطية فينا جميعا.
Mohannad974@yahoo.com