عذرٌ أقبح من ذنب
يبرر الإيرانيون ومعهم حزب الله تواجد «مغاوير» فيلق القدس التابع لحراس الثورة الإيرانية في دمشق وشوارعها وإقامة حواجز لتفتيش السوريين والتدقيق بهوياتهم وأوراقهم الثبوتية بالإدعاء بأنَّ تواجد هؤلاء سببه حماية الأماكن والمقامات الشيعية والمقصود هو مقام السيدة زينب إبنة علي بن أبي طالب الموجود على طريق المطار الدولي في ضواحي العاصمة السورية وليس في أيٍّ من شوارعها الداخلية.
إنه عذرٌ أقبح من ذنب فهذا المقام موجود في مكانه في ذروة حكم الدولة الأموية وهو بقي موجوداً ولا ينظر إليه أهل سوريا وأهل المنطقة إلا بالتقدير والإحترام وبنفس حب آل بيت رسول الله وهذا ينطبق على المراحل اللاحقة من العباسيين وحتى الفاطميين ،بالطبع، وحتى الأيوبيين وحتى المماليك وحتى العثمانيين..وحتى هذه اللحظة.
ليس لا نظام حافظ الأسد ولا نظام وريثه ،هذا الذي أدخل سوريا في دوامة العنف المدمر المتواصلة، هو من وفَّر الحماية لمقام السيدة زينب ابنة فاطمة الزهراء وابنة وعلي بن أبي طالب بل أنَّ قلوب السوريين وقلوب أهل هذه المنطقة هي التي وفَّرت هذه الحماية وحقيقة أنه لم تكن هناك ضرورة لأي حماية لهذا المقام لا في السابق ولا في اللاحق ولذلك فإنَّ هذه الإدعاءات «الصَّفوية» باطلة وغير صحيحة وهي تدلُّ على أن التعصب المذهبي بدوافع قومية فارسية هو الذي يحدد توجهات نظام الثورة الخمينية وأيضاً توجهات هذا النظام الذي يرتكب كل هذه الموبقات الطائفية التي يرتكبها تحت راية «البعث» وشعار أمة عربية واحدة..ذات رسالة خالدة!!.
إنه على نظام بشار الأسد إذا لم يعد قادراً على حماية مقام السيدة زينب ،هذا إذا كان هذا المقام قد بات مهدداً بالفعل، أن يتنحى على الفور لا أنْ يستعين بقواتٍ «أجنبية» لتسيطر على شوراع دمشق عاصمة قلب العروبة النابض ولتُخْضِعَ أبناء الشعب السوري العظيم للأذلال والتفتيش وكأنهم في «قم» أو أصفهان أو تبريز وليس في عاصمة الأمويين الخالدة التي كانت عربية وستبقى عربية وللأبد بعد التخلص من حكم عائلة الأسد.
هناك عشرات المقامات الإسلامية السنية في إيران قد تم إنتهاكها جميعها في عهد الدولة «الصفوية»..وأيضاً في عهد الإمبراطورية الخمينية وهناك لا يوجد في طهران وبالطبع ولا في «قم» ولا مسجداً واحداً لأهل السنة وكل هذا ومع أنَّ الإنتهاكات لا تزال مستمرة لباقي ما تبقى من أطلال هذه المقامات فإنه لم يتجرَّأ حتى أكثر المتشددين مذهبياً على طلب الحماية لهذه الأطلال ولا أيضاً على توجيه سؤال للسيد علي خامنئي عن سبب عدم وجود أيُّ وزير من أهل المذهب السني ،الذين يشكلون ما يزيد عن ربع سكان إيران، في الحكومة الإيرانية.
ولعل ما تجدر الإشارة إليه هو أن هناك مقاماً آخر للسيدة زينب وأنَّ هناك أيضاً مقاماً للحسين بن علي بن أبي طالب في قلب القاهرة التي هي بالمنطق «الصفوي» السائد في طهران عاصمة المذهب السني والمعروف أنَّ كل المصريين ينظرون إلى هذين المقامين بنفس نظرتهم لمكة المكرمة وللمدينة المنورة وللقدس الشريف..وأيضاً للمقامات الإسلامية في النجف وكربلاء وسامراء وفي كل دنيا الله الواسعة.