الحق على الحكومة
.. ربما لأن الحكومات في بلدنا كانت تعتبر نفسها مسؤولة عن كل شيء في حياة الناس اليومية, وهذه أدت بالضرورة الى الاحتجاج والاضراب والاعتصام والتظاهر.. اذا ارتفع سعر البيض, أو انخفض سعر كيلو البندورة, أو فرضت ادارة الجامعة رسوماً أعلى.. حتى ان الحكومة قبلت اتهام الناس بأن قلة المطر وارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها.. بأن وجه الحكومة هو الذي يجلب المحل أو الخصب.
صار لنا اسابيع ونحن نشهد حالة تذمر صعب لأن اسعار الخضار تهبط اكثر وأكثر. وتنشر الصحف صور المزارع الغاضب الذي يرمي محصول البندورة في الشارع. أو الذي يقلع شجيرات الباذنجان ويطعمها للماعز لكن المجتمع لا يتحرك لأن الحكومة مسؤولة, حتى حين يجتاح الصقيع جزءاً من الاغوار, فينشغل مجلس النواب بطلب تعويض المزارعين.. مع أن هناك شيئاً اسمه صندوق التعويضات الزراعية. يشترك المزارعون في تمويله, ويتم صرف ما يتوجب في حال الخسارة والصندوق مجمّد.
المجتمع: الجمعيات التعاونية, غرف الصناعة, اتحاد المزارعين لا تجد نفسها ملزمة بحماية الانتاج الزراعي لانها اعتادت ان تضع كل شيء على رأس الحكومة، والحكومة لا تملك ان تقنع الحكومة او المعارضة السورية والعراقية بفتح حدودها، ووضع قوة أمن على معابرها وحماية غذاء الناس، وجهدهم الانتاجي.
لماذا لا يبحث اتحاد المزارعين والجمعيات التعاونية عن اسواق لمنتجاتنا في غير سوريا والعراق (ولبنان)؟
لماذا لا يركزون على التصدير بالطائرات او البواخر؟ فوزارة الزراعة تقول انه تم تصدير 200 الف طن خضار وفواكه الى روسيا، وان صادرات الخضار والفواكه ارتفعت يوم الاحد 1500 طن الى الخليج، وان عددا من المصانع الاردنية المتخصصة بالصناعات الغذائية (ومنها الشوكولاتة والحلويات الشرقية) وقعت مع شركة اميركية لتوزيع منتجاتها في عدة ولايات اميركية، بما قيمته 5 ملايين دولار في السنة الاولى.
لماذا لا نصنّع البندورة وهناك اكثر من منتج منه: رب البندورة، وعصير البندورة، والكاتشب، والبندورة الناشفة (الكيلو 5 دنانير)؟
لماذا نرضي التجار باستيراد الحليب المجفف، في حين ان مزارع الابقار تشرق بانتاجها من الحليب؟ وهل يعرف المغرمون بالاحتجاج والاضراب والتظاهر ان اكبر صناعات اسرائيل هي الصناعات الغذائية وانها تتفوق على دخل الصناعات الالكترونية والتسليحية؟
الحكومة ليست مسؤولة عن حياتنا اليومية، ليست الاب مع انها تحب ذلك، ونحن لسنا مكسّحين معوقين لننتظر جهد حكومات في قضايا لا يملك جهازها المترهل العاجز ادارتها.
في نظام الاتحاد السوفياتي كانت الدولة مسؤولة عن صناعة الصواريخ، واحذية الاطفال، وزراعة البطاطا، ولذلك، وبعد ان مات جيل الثوار، وقع كل شيء على ظهر الموظفين البيروقراط، فسقط الاتحاد السوفياتي.
كانت حكومة الاتحاد السوفياتي تملك وسائل الانتاج وتديرها، لكن حكومة د.عبدالله النسور لا تملك شيئاً، ونطالبها بكل شيء.