القـــطار
(1)
ترنو بعينيك الى دائرة البروج في السماء، فترى النجوم بعيدة، بعيدة لملايين السنوات الضوئية، فتدرك حسيّا بأن هذه النجوم كبيرة وعملاقة، وبعضها أكبر من أرضنا ومن شمسنا بملايين المرات، لكنها تبدو صغيرة؛ لأنها بعيدة!!
تنظر الى العصا الممدودة داخل الماء الراكد، فتراها مكسورة ، فلا تصاب بالدهشة، ولا تعتقد بأن الماء كسرها بهذه السهولة، بل تدرك حسيا بأن الذي انكسر هو ظل العصا، لكن العصا ما تزال مستقيمة كما هي !!
تبحلق من موقعك في شباك القطار الى أعمدة الهاتف والكهرباء والأشجار، فتراها تتحرك، فلا تصاب بالخيبة الفيزيائية، لكنك تدرك حسيا، بأنك أنت الذي ينطلق بهذه السرعة مع القطار، بينما المناظر حولك ثابتة .
في عالمنا العربي المتمغط وهو يشخر بين قارتين وبضع صحارى…ترنو وتنظر وتبحلق وتشاهد وترى، فتدرك حسيا بأن الزمن يتجاوزنا بسرعة الصوت، وبأننا ما نزال نتصارع طائفيا مثلما كانت أوروبا في العصور الوسطى.
(2)
لعل أول نكتة سياسية كان يتعرف إليها الطفل العربي، هي قصة المظاهرة ضد (وعد بلفور) المعروف، وتحكي النكتة عن شخص جاء الى المظاهرة متأخرا، ولم يفهم الهتاف جيدا، حيث كان المتظاهرون يصرخون ملء حناجرهم:
– فليسقط وعد بلفور!!
لكن الرجل صار يصرخ معهم:
– فليسقط واحد من فوق!!
وكنا نضحك كثيرا على تلك النكتة، ونسمعها مرارا وتكرارا ونضحك…!!
ghishan@gmail.com