إلى المتشعبطين على انجازات غيرهم
كتب: محمود الدباس
شاب سعودي من عائلة مرموقة غادر الى امريكا في الصف الاول الثانوي.. وبقي هناك الى ان اكمل درجة الدكتوراه.. وحين عاد الى بلاده اسس شركة.. وادارها.. واصبح لها اسمها وسمعتها الطيبة.
بعد عدة سنوات.. وحين اراد توسعتها.. استفطبني لكي اديرها.. وبقي متمسكا بادارة المبيعات بالاضافة الى منصب الرئيس.. وحسب الهيكل التنظيمي والاداري اصبحت مديرا عليه.. وفي ذات الوقت هو مديري.
واللافت للانظار.. كان حين يريد مناقشتي في امر يخص المبيعات.. كان يأتي الى مكتبي لاني المدير العام.. وحين يريد نقاش سياسات وامور تخص الشركة.. كان يستدعيني الى مكتبه لانه المالك للشركة ورئيسها.. وامضيت عدة سنوات ولم يأخذ او يسرق من جهدي ومنجزي شيئاً.. لا بل كان يعرف علي في المؤسسات التي كنا نزورها بانني مديره المباشر.. وكان يرفض التوقيع فوق توقيعي على اي اتفاق اذا كنت موجودا.
قبل مدة كنت اتحدث مع صديق مسؤول في إحدى الجهات.. وكنت اقدم له بعض الملاحظات التي وردتني عن تلك الجهة.. لعله يقوم بتحسين الامر.. ما فاجأني هو ردة فعله على عكس ما عهدته عليه قبل سنوات.. فرفض رفضا باتا ان يتدخل.. او ان يقدم لادارته افكارا ودراسات للتحسين والتطوير.. او حتى اصلاح بعض الاختلالات.
وحين سألته عن سبب هذه الروح الانهزامية والسلبية.. رد قائلا.. لقد تعبت وسئمت من كثر ما قمت به وقدمته من افكار واقتراحات.. كانت تأخذ مني الجهد والوقت الكثير على حساب راحتي واجازاتي وحتى وقت عائلتي.. وبالتالي يأخذها مديري المباشر بعد ان يناقشني بادق تفاصيلها ويصبح ملما بها ويفهمها.. ويذهب بها الى الادارة العليا ناسبا اياها لنفسه.. وتكون السبب الرئيس في تثبيته في موقعه وترقيته وتحسين دخله.. متناسيا ان يذكر حتى مشاركتي في اعدادها ولا اريده ان ينسبها كلها لي.
من الحالتين السابقتين اجد انه للاسف كثيرا ما نشاهد “متشعبطون” على اكتاف وانجازات الاخرين.. وهنا لا استثني من يستلم منصبا ويقص شريط انجاز لمن سبقه.. ولا يذكر في حفل التدشين انه جاء ليكمل ما بدأه سابقه.. وللاسف يبين للجميع انه -والذي جلس على كرسيه من امس العصر- الذي لولاه لما اكتمل المشروع بهكذا شكل وهيئة وكيفية.
فإلى كل من يتشدق بالعمل المؤسسي.. ويتشعبط على انجاز غيره اقول.. ان العمل المؤسسي هو عمل تراكمي تكاملي.. ولا يمكن لشخص ان ينسب الانجاز لنفسه حتى وان كان هو من يقطف الثمرة.. فهناك من حرث وغرس ووضع السماد وروى تلك البذور وحافظ عليها من الطفيليات وتقلبات الطقس الى ان حان وقت القطاف.. والمصيبة الانكى والاكبر.. إن كان بالاصل غير موجود منذ البداية.. وتم تعيينه وقت الحصاد.